الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإذا فرغ من سجدتي الركعة الثانية افترش رجله اليسرى فجلس [ ص: 342 ] عليها ونصب يمناه ووجه أصابعه نحو القبلة ) لحديث مسلم عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم { يقول في كل ركعتين التحية وكان يفترش رجله اليسرى وينصب اليمنى } وهذا بيان السنة عندنا حتى لو تورك جاز ، أطلق الصلاة فشمل الفرض والنفل فيقعد فيهما على هذه الكيفية ، فما في المجتبى ناقلا عن صلاة الجلابي أن هذا في الفرض ، وفي النفل يقعد كيف شاء كالمريض مخالف لإطلاق الكتب المعتبرة المشهورة ، نعم النفل مبناه على التخفيف ، ولذا يجوز قاعدا مع القدرة على القيام لكن الكلام إنما هو في السنية .

                                                                                        ( قوله ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه ) يعني وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى لحديث مسلم عن ابن عمر مرفوعا كذلك أشار إلى رد ما ذكره الطحاوي أنه يضع يديه على ركبتيه ويفرق بين أصابعه كحالة الركوع لحديث مسلم أيضا عن ابن عمر كذلك وزاد فيه وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة ورجح في الخلاصة الكيفية الأولى ، فقال : ولا يأخذ الركبة ، هو الأصح فتحمل الكيفية الثانية في الحديث على الجواز ، والأولى على بيان الأفضلية ، وعلل له في البدائع بأنه على الكيفية الأولى تكون الأصابع متوجهة إلى القبلة وعلى الثانية إلى الأرض لكنه لا يتم إلا إذا كانت الأصابع عطفت على الركبة أما إذا كانت رءوسها عند رأس الركبة فلا يتم الترجيح ، وعلى اعتبار هذه الكيفية الثالثة ما في جمع التفاريق عن محمد أنه يكون أطراف الأصابع عند الركبة كما نقله في المجتبى وأشار ببسط الأصابع إلى أنه لا يشير بالسبابة عند الشهادتين ، وهو قول كثير من المشايخ ، وفي الولوالجية والتجنيس : وعليه الفتوى ; لأن مبنى الصلاة على السكون ، وكرهها في منية المصلي ورجح في فتح القدير القول بالإشارة وأنه مروي عن أبي حنيفة كما قال محمد فالقول بعدمها مخالف للرواية والدراية ورواها في صحيح مسلم من فعله صلى الله عليه وسلم وفي المجتبى لما اتفقت الروايات عن أصحابنا جميعا في كونها سنة ، وكذا عن الكوفيين والمدنيين وكثرة الأخبار والآثار كان العمل بها أولى .

                                                                                        [ ص: 342 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 342 ] ( قوله وعقد ثلاثة وخمسين ) قال الرملي بأن يضع الإبهام تحت المسبحة على طرف راحته وروى مسلم عن ابن الزبير كعاقد ثلاثة وعشرين قال الخطيب الشربيني في شرح المنهاج وإنما عبر الفقهاء بالأول دون الثاني تبعا لرواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما واعترض في المجموع قولهم كعاقد ثلاثة وخمسين فإن شرطه عند أهل الحساب أن يضع الخنصر على البنصر وليس مرادا بل هو أن يضعها على الراحة كالبنصر والوسطى وهي التي يسمونها تسعة وخمسين ولم ينطقوا بها تبعا للخبر وأجاب في الإقليد بأن عبرة وضع الخنصر على البنصر في عقد ثلاثة وخمسين هي طريقة أقباط مصر ولم يعتبر غيرهم فيها ذلك ، وقال في الكفاية عدم اشتراط ذلك طريقة المتقدمين ا هـ .

                                                                                        وقال ابن الفركاح إن عدم الاشتراط طريقة لبعض الحساب وعليه يكون تسعة وخمسون هيئة أخرى أو تكون الهيئة الواحدة تشترك بين العددين فيحتاج إلى قرينة ا هـ .

                                                                                        قال الحلبي في شرح منية المصلي وصفتها أن يحلق من يده اليمنى عند الشهادة الإبهام والوسطى ويقبض البنصر والخنصر ويضع رأس إبهامه على حرف المفصل الأوسط ويرفع الأصبع عند النفي ويضعها عند الإثبات ، ويكره أن يشير بكلتا مسبحتيه .

                                                                                        ( قوله لكنه لا يتم إلخ ) قال في النهر لا يخفى أن وضع اليدين عليه يستلزمه ( وقوله ورجح في فتح القدير القول بالإشارة ) أي مع قبض الأصابع كما هو صريح عبارة الفتح وبه صرح في منية المصلي حيث قال : فإن أشار يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى بالإبهام ويقيم السبابة ا هـ .

                                                                                        فالإشارة إنما هي على كيفية خاصة عندنا وهي العقد المذكور كما هو المذكور في عامة الكتب كالبدائع والنهاية والمعراج وشروح المنية والقهستاني والنهر والظهيرية وشرح النقاية وغيرها ، وأما ما نقله في الشرنبلالية عن البرهان من أنه يشير ولا يعقد فهو قول ثالث لم أر من عول عليه ولا من نقله سواه فالعمل على ما في كتب المذهب من القولين : أحدهما ، : وهو المشهور بسط الأصابع بلا إشارة والثاني الذي رجحه المتأخرون عقد الأصابع عند الإشارة ، وأما ما نقله في الدر المختار عن درر البحار وشرحه موافقا لما نقله الشرنبلالي عن البرهان فغير صحيح فإني راجعت درر البحار وشرحه المسمى غرر الأفكار فرأيت فيهما أن الفتوى على الإشارة مع العقد ، وقد أوضحت هذه المسألة بنقولها المعتبرة في رسالة سميتها رفع التردد في عقد الأصابع عند التشهد فراجعها فإنها فريدة في بابها ، والحمد لله رب العالمين .




                                                                                        الخدمات العلمية