الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( كتاب الشفعة )

                                                                                        وجه مناسبة الشفعة بالغصب تملك الإنسان مال غيره بلا رضاه في كل منهما والحق تقديمها عليه لكونها مشروعة دونه ولكن توفر الحاجة إلى معرفته لكثرة الأحكام المتعلقة به أوجبت تقديمه والكلام فيها من وجوه الأول في معناها لغة [ ص: 143 ] والثاني شرعا والثالث في بيان دليلها والرابع في بيان سببها والخامس في ركنها والسادس في شرطها والسابع في حكمها وصفتها فهي لغة مأخوذة من الشفع الذي هو ضد الوتر وشرعا ما يذكره المؤلف ودليلها ما روي أنه عليه الصلاة والسلام { قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط } وقال عليه الصلاة والسلام { الجار أحق بشفعة جاره } وسببها دفع الضرر الذي ينشأ من سوء المجاورة على الدوام من حيث إيقاد النار وإعلاء الجدار وإثارة الغبار وركنها هو الأخذ من المشتري أو من البائع وشرطها كون المحل عقارا علوا كان أو سفلا مملوكا ببدل هو مال ، أما حكمها فهو جواز طلب الشفعة عند تحقق سببها وصفتها أن الأخذ بها بمنزلة شراء مبتدأ حتى يثبت ما يثبت بالشراء نحو الرد بخيار الرؤية والشرط . قال رحمه الله ( وهي تملك البقعة جبرا على المشتري بما قام عليه )

                                                                                        هذا في الشرع وزاد بعضهم شركة أو جوارا فقوله تمليك جنس شمل تمليك العين والمنافع وقوله البقعة فصل أخرج به تمليك المنافع وقوله جبرا أخرج به البيع ، فإنه يكون بالرضا وقوله بما قام عليه يعني حقيقة أو حكما كما سيأتي في الخمر وغيره والمراد تمليك البقعة أو بعضها ليشمل ما إذا اشتراها أحد شفعائها ففي التتارخانية اشترى الجار دارا ولها جار آخر من جانب آخر وطلب الشفعة تقسم الدار بين المشتري والجار نصفين وفي التتارخانية ، وإنما تجب في الأراضي التي يملك رقابها حتى لا تجب في الأراضي التي حازها الإمام لبيت المال وتدفع للناس مزارعة فصار لهم فيها بناء وأشجار ، فإن بيع هذه الأراضي باطل ، وإنما تجب بحق الملك في الأراضي حتى لو بيعت دار بجنبها دار الوقف فلا شفعة للوقف ولا يأخذها المتولي قال ابن القاضي زاده إذا كان حقيقة الشفعة التمليك لزم أن لا يكون لقوله الشفعة تثبت بعقد البيع وتستقر بالإشهاد صحة إذ الثبوت لا يتصور بدون التحقق وحين عقد البيع والإشهاد لم يوجد الأخذ بالتراضي ولا بقضاء القاضي ولم يوجد التمليك أيضا فعلى تقدير أن تكون الشفعة نفس ذلك التمليك كيف يتصور ثبوتها بعقد البيع واستقرارها بالإشهاد ، وأيضا قد صرحوا بأن حكم الشفعة جواز الطلب وثبوت الملك بالقضاء أو بالتراضي فلو كان نفس التمليك لما صلح شيء من جواز طلب الشفعة وثبوت الملك بالقضاء أو بالتراضي ; لأن يكون حكما للشفعة أما الأول فلأنه لا شك أن المقصود من طلب الشفعة إنما هو الوصول إلى ملك المنفعة المشفوعة وعند حصول تملكها الذي هو الشفعة على الفرض المذكور لا يبقى جواز طلب الشفعة ضرورة بطلان طلب الحاصل وحكم الشيء يقارنه أو يعقبه فالأظهر عندي في تعريف الشفعة ما ذكره صاحب غاية البيان حيث قال ثم الشفعة عبارة عن حق التملك في العقار لدفع ضرر الجوار ا هـ .

                                                                                        والجواب أن المراد بالوجوب والاستقرار استقرار حق الأخذ لا نفسه وقولهم حكم الشفعة جواز الطلب يعني حكم حق الأخذ فلا إيراد

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية