الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( ولابنه الكافر أو الرقيق في مرضه فأسلم الابن أو أعتق قبل موت الأب ثم مات بطل كالهبة وإقراره ) أي إذا أوصى لابنه الكافر أو لابنه الرقيق في مرضه فأسلم الابن أو عتق قبل موت الأب ثم مات من ذلك المرض بطلت الوصية له كما تبطل الهبة له ، والإقرار له بالدين أما الوصية فلأن المعتبر فيها حالة الموت ، وهو وارث فيها فلا تجوز له ، والهبة حكمها مثل الوصية لما عرف في موضعه ، وأما الإقرار فإن كان الابن كافرا فلا إشكال فيه لأن الإقرار وقع لنفسه ، وهو وارث بسبب كان ثابتا عند الإقرار ، وهو البنوة فيمتنع لما فيه من تهمة إيثار البعض فكان كالوصية فصار كما إذا كان له ابن ، وأقر لأخيه في مرضه ثم مات الابن قبل أبيه ، وورثه أخوه المقر له فإن كان الإقرار له يكون باطلا لما ذكرنا كذا هذا .

                                                                                        بخلاف ما إذا أقر لامرأة في مرضه ثم تزوجها حيث لا يبطل الإقرار لها لأنها صارت وارثة بسبب حادث ، والإقرار يلزمه بنفسه ، وهي أجنبية حال صدوره فيلزم لعدم المانع من ذلك ، ويعتبر من جميع المال بخلاف الوصية لها لأنها إيجاب عند الموت ، وهي وارثة فلهذا اتحد الحكم فيهما في الوصية ، وافترقا في الإقرار حتى كانت الزوجة قائمة عند الإقرار ، وهي غير وارثة فإن كانت نصرانية أو أمة ثم أسلمت قبل موته أو أعتقت لا يصح الإقرار لها لقيام السبب حال صدوره ، وإن كان الابن عبدا فإن كان عليه دين لا يصح إقراره لأن الإقرار وقع له ، وهو وارث عند الموت فتبطل كالوصية ، وإن لم يكن عليه دين صح الإقرار لأنه وقع للمولى إذ العبد لا يملك ، وقيل الهبة له جائزة لأنها تمليك في الحال ، وهو لا يملك فيقع للمولى ، وهو أجنبي فيجوز بخلاف الوصية لأنها إيجاب عند الموت ، وهو وارث عنده فيمتنع ، وفي عامة الروايات هي في المرض كالوصية فيه لأنها ، وإن كانت منجزة صورة فهي كالمضاف إلى ما بعد الموت حكما لأن حكمها يتقرر عند الموت ألا ترى أنها تبطل بالدين المستغرق ولا تجوز بما زاد على الثلث ، والمكاتب كالحر لأن الإقرار والهبة يقع له ، وهو وارث عند الموت فلا يجوز كالوصية كذا ذكر الشارح .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية