الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 86 ] ( قوله nindex.php?page=treesubj&link=1543_1418_1423_1420والترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت مستحق ) مفيد لشيئين أحدهما بالعبارة والآخر بالاقتضاء أما الثاني فهو لزوم قضاء الفائتة فالأصل فيه أن كل nindex.php?page=treesubj&link=1331_1333_1407_1418_1423صلاة فاتت عن الوقت بعد ثبوت وجوبها فيه فإنه يلزم قضاؤها سواء تركها عمدا أو سهوا أو بسبب نوم وسواء كانت الفوائت كثيرة أو قليلة فلا قضاء على مجنون حالة جنونه ما فاته في حالة عقله كما لا قضاء عليه في حالة عقله لما فاته حالة جنونه ولا على مرتد ما فاته زمن ردته ولا على nindex.php?page=treesubj&link=1418_1331مسلم أسلم في دار الحرب ولم يصل مدة لجهله بوجوبها ولا على nindex.php?page=treesubj&link=1759_1423_1418مغمى عليه أو مريض عجز عن الإيماء ما فاته في تلك الحالة وزادت الفوائت على يوم وليلة ومن حكمه أن nindex.php?page=treesubj&link=1420_1423الفائتة تقضى على الصفة التي فاتت عنه إلا لعذر وضرورة فيقضي المسافر في السفر ما فاته في الحضر من الفرض الرباعي أربعا والمقيم في الإقامة ما فاته في السفر منها ركعتين كما سيأتي في آخر صلاة المسافر وقد قالوا إنما تقضى الصلوات الخمس والوتر على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=treesubj&link=1801_1800_1096_1095_1172_1418وصلاة العيد إذا فاتت مع الناس على تفصيل يأتي في بابها وسنة الفجر تبعا للفرض قبل الزوال والقضاء فرض في الفرض واجب في الواجب سنة في السنة ثم nindex.php?page=treesubj&link=1495_1494_1493_1418ليس للقضاء وقت معين بل جميع أوقات العمر وقت له إلا ثلاثة وقت طلوع الشمس ووقت الزوال ووقت الغروب فإنه لا تجوز الصلاة في هذه الأوقات لما مر في محله
وأما الأول وهو الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت فهو واجب عندنا يفوت الجواز بفوته فهو شرط كما صرح به في المحيط لكنه ليس بشرط حقيقة لأن بتركه لا تفوت الصحة أصلا بل الأمر موقوف كما سيأتي ولو كان شرطا لم يسقط بالنسيان كغيره من الشروط ولما لم يكن واجبا اصطلاحيا ولا فرضا لعدم قطعية الدليل ولا شرطا كذلك من كل وجه أبهم أمره فعبر بالاستحقاق والدليل على وجوبه ما في الصحيحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن { nindex.php?page=hadith&LINKID=109284nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب شغل بسبب كفار قريش يوم الخندق وقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب فقال : عليه الصلاة والسلام والله ما صليتها قال : فنزلنا بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعدما غربت الشمس وصلينا بعدها المغرب } ولو كان الترتيب مستحبا لما أخر عليه الصلاة والسلام لأجله المغرب التي تأخيرها مكروه بناء على أن الكراهة للتحريم فلا ترتكب لفعل مستحب وبناء على أن التأخير قدر أربع ركعات مكروه ، لكن لا دليل على كونه واجبا يفوت الجواز بفوته ، وقد أطال فيه المحقق في فتح القدير إطالة حسنة كما هو دأبه وغرضنا في هذا الكتاب تحرير المذهب في الأحكام لا تحرير الدلائل
وأما الترتيب بين الفوائت فلما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره من أنه عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=109285شغل عن أربع صلوات يوم الخندق فقضاهن مرتبة } وقال في حديث آخر { nindex.php?page=hadith&LINKID=20870صلوا كما رأيتموني أصلي } فدل على الوجوب قيد بالفائتة لأن غير الفائتة لا يقضى ولهذا قال في الظهيرية والخلاصة nindex.php?page=treesubj&link=1423_1418رجل يقضي صلوات عمره مع أنه لم يفته شيء منها احتياطا قال بعضهم يكره وقال بعضهم لا يكره لأنه أخذ بالاحتياط لكنه nindex.php?page=treesubj&link=1566_1530_1495_1493_1418لا يقضي بعد صلاة الفجر ولا بعد صلاة العصر ويقرأ في الركعات كلها الفاتحة مع السورة . ا هـ .
وقد قدمنا عن مآل الفتاوى أنه يصلي المغرب أربعا بثلاث قعدات وكذا الوتر وذكر في القنية قولين فيها وأن الإعادة أحسن إذا كان فيها اختلاف المجتهدين وقد قدمنا أن الإعادة فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع وظاهره أن بخروج الوقت لا إعادة ويتمكن الخلل فيها مع أن قولهم كل nindex.php?page=treesubj&link=1492_1420_1418صلاة أديت مع الكراهة فسبيلها الإعادة وجوبا مطلق وفي القنية ما يفيد التقييد بالوقت فإنه قال إذا nindex.php?page=treesubj&link=1418_23393_1536_1534لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده ثم رقم رقما آخر أن الإعادة [ ص: 87 ] أولى في الحالتين ا هـ .
فعلى القولين لا وجوب بعد الوقت فالحاصل أن من ترك واجبا من واجباتها أو ارتكب مكروها تحريميا لزمه وجوبا أن يعيد في الوقت فإن خرج الوقت بلا إعادة أثم ولا يجب جبر النقصان بعد الوقت فلو فعل فهو أفضل ولهذا حمل صاحب القنية قولهم بكراهة قضاء صلاة عمره مرة ثانية على ما إذا لم يكن فيها شبهة الخلاف ولم تكن مؤداة على وجه الكراهة وفي التجنيس وغيره nindex.php?page=treesubj&link=1420_1424رجل فاتته صلاة من يوم واحد ولا يدري أي صلاة هي يعيد صلاة يوم وليلة لأن صلاة يوم كانت واجبة بيقين فلا يخرج عن عهدة الواجب بالشك وإذا nindex.php?page=treesubj&link=1418_28165شك في صلاة أنه صلاها أم لا فإن كان في الوقت أن يعيد لأن سبب الوجوب قائم وإنما لا يعمل هذا السبب بشرط الأداء قبله وفيه شك وإن خرج الوقت ثم شك فلا شيء عليه لأن سبب الوجوب قد فات وإنما يجب القضاء بشرط عدم الأداء قبله وفيه شك وإن nindex.php?page=treesubj&link=1530_1418_28165شك في نقصان الصلاة أنه ترك ركعة وإن لم يفرغ من الصلاة فعليه إتمامها ويقعد في كل ركعة وإن شك بعدما فرغ وسلم لا شيء عليه لما قلنا ا هـ .
وذكر في الخلاصة في مسألة الشك في الصلاة هل صلاها أو لا وكان في الوقت لو كان الشك في صلاة العصر يقرأ في الركعة الأولى والثانية ولا يقرأ في الثالثة والرابعة ا هـ .
وكان وجهه أن nindex.php?page=treesubj&link=1418_1495_1530التنفل بعد صلاة العصر [ ص: 88 ] مكروه فإن قرأ في الكل أو في الأوليين كان متنفلا بالأربع أو بالأوليين على تقدير أنه صلى الفرض أولا وإذا nindex.php?page=treesubj&link=1418_1530ترك القراءة في ركعة من كل شفع تمحض للفرض على تقدير أنه لم يصل أو للفساد على تقدير أنه صلى الفرض أولا فلم يكن متنفلا على كل تقدير لكن مقتضاه أن يقول يقرأ في كل شفع من الشفعين في ركعة ويترك القراءة في ركعة من كل شفع من غير تعيين الأولى والثانية للقراءة لأن القراءة في الفرض في ركعتين غير عين كما سبق تقريره وقد يقال إن التنفل المكروه والقصدي وهذا ليس كذلك فلا يكون مكروها كما لا يخفى فيقرأ في الأولين أو في الكل وفي الحاوي القدسي لو nindex.php?page=treesubj&link=1647_28165شك في إتمام صلاته فأخبره عدلان أنك لا تتم أعاد وبقول الواحد لا تجب الإعادة ا هـ .
وفيه بحث لأن خبر الواحد العدل مقبول في الديانات اللهم إلا أن يقال إن فيه إلزاما من كل فشابه حقوق العباد وقيده في المحيط بالإمام وعلله لأنها شهادة لأن حكمه يلزم الغير دون المخبر وشهادة الفرد لا تقبل ا هـ .
فيفيد أنه لو لم يكن إماما فقول الواحد مقبول فإطلاق الحاوي ليس بالحاوي وفي الحاوي أيضا لو nindex.php?page=treesubj&link=1238_1096_1095_1530_1418تذكر أنه ترك القراءة في ركعة من صلاة يوم وليلة قضى الفجر والوتر ا هـ .
ووجهه إن ترك القراءة في ركعة واحدة لا يبطلها في سائر الصلوات إلا الفجر والوتر وينبغي تقييده بأن لا يكون مسافرا أما لو كان مسافرا فينبغي أن يعيد صلاة يوم وليلة كما لا يخفى وفي المحيط nindex.php?page=treesubj&link=1418_1536رجل صلى شهرا ثم تذكر أنه ترك عشر سجدات من هذه الصلوات يقضي صلوات عشرة أيام لجواز أنه ترك كل سجدة في يوم ا هـ .
وتوضيحه أن العشر سجدات تجعل مفرقة على عشر صلوات احتياطا فصار كأنه ترك صلاة من صلوات كل يوم وإذا nindex.php?page=treesubj&link=1418_1424ترك صلاة ولم يرد تعينها يقضي صلاة يوم كامل فلزمه قضاء العشرة الأيام وفي القنية nindex.php?page=treesubj&link=1332_1418_1413صبي بلغ وقت الفجر ولم يصل الفجر وصلى الظهر مع تذكره يجوز ولا يجب الترتيب بهذا القدر ا هـ .
وهو إن صح يكون مخصصا للمتون وفي صحته نظر عندي لأنه بالبلوغ صار مكلفا اللهم إلا أن يكون جاهلا به فيعذر لقرب عهده من زمن الصبا .
( قوله فلا قضاء على مجنون ) إلى قوله ولا على مرتد العبارة مقلوبة وحق التعبير المناسب لما نحن فيه أن يقال nindex.php?page=treesubj&link=1418_1333فلا قضاء على مجنون في حالة عقله ما فاته حال جنونه كما لا قضاء عليه حالة جنونه ما فاته في حالة عقله لأن المراد بيان محترز قوله بعد ثبوت وجوبها ( قوله سنة في السنة ) يرد على عمومه الوتر على قولهما فإن ظاهر الرواية وجوب قضائه عندهما أيضا كما مر مع قولهما بسنيته لكن قد يجاب بأن كلامه مبني على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام صاحب المذهب ( قوله وقال في حديث آخر إلخ ) هذا أولى من قول الهداية ثم قال صلوا لإيهامه أنهما حديث واحد [ ص: 87 ] ( قوله فالحاصل أن من ترك واجبا إلخ ) نقل الخير الرملي عن العلامة المقدسي أنه يجب أن لا يعتمد على هذا لما ذكره قريبا من قولهم كل صلاة أديت مع الكراهة سبيلها الإعادة مطلقا وأول قول القنية إذا لم يتم ركوعه ولا سجوده إلخ على ما إذا لم يطمئن فيها زيادة اطمئنان قلت وفي هذا التأويل نظر نعم ظاهر كلامهم يقتضي الوجوب خارج الوقت أيضا ويدل عليه ما قدمناه عن شرح التحرير من أن الإعادة واجبة وأن تقييدها بكونها في الوقت مبني على ما قاله البعض فإن مقتضى هذا وجوبها بعد الوقت أيضا وعلى هذا يحمل كلام القنية على ظاهره ويكون قوله يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده مبنيا على قول من قيد الإعادة بالوقت وهاهنا توفيق آخر موافق لما ذكره المؤلف في هذا الحاصل ودافع لما توقف فيه أولا ولما اعترض به عليه المقدسي وهو أن نقول الإعادة فعل مثله في وقته كما مشى عليه المؤلف تبعا للتحرير وغيره وقولهم كل صلاة أديت مع الكراهة فسبيلها الإعادة وجوبا غير مطلق بناء على هذا التعريف للإعادة لأنها بعد الوقت لا تسمى إعادة كما مر عن التحرير فصار معناه سبيلها وجوب الإعادة في الوقت وينطبق عليه كلام القنية وما رقم له في القنية ثانيا يكون مبنيا على القول بعدم وجوب الإعادة الذي مشى عليه شراح أصول فخر الإسلام كما مر ونقله القهستاني عن المضمرات بصيغة الأولى الإعادة قال ومثله في المحيط والقنية ونوادر الفتاوى والترغيب ا هـ .
وذكر في المعراج أن في المبسوط ما يدل على الأولوية والاستحباب وعلى القول بالوجوب يكون فعلها بعد الوقت أفضل كما حمل عليه المؤلف كلام القنية الآخر وتحصل من هذا أن من قال بوجوب الإعادة يقيدها بالوقت كما قال المصنف في شرح المنار الإعادة الإتيان بمثل ما فعل أولا مع نقصان فاحش ذاتا مع صفة الكمال لأنه إذا وجب على المكلف فعل موصوف بصفة فأداه ناقصا نقصانا فاحشا يجب عليه إعادته في وقته ا هـ .
ويكون على هذا القول فعلها بعد الوقت أفضل كما أفاده كلام القنية في مسألة قضاء صلاة العمر وعلى القول الآخر في الإعادة يكون هي الأفضل في الوقت وبعده كما أفاده ما رقم له في القنية ثانيا فقد ظهر لك أن ما ذكره المؤلف في هذا الحاصل موافق لما ذكره في تعريف الإعادة وأنه لا مخالفة بين التعريف وبين قولهم كل صلاة إلخ خلافا لما يفهم من قوله وقد قدمنا إلخ واندفع ما ذكره المقدسي بقي هنا شيء لم يتعرض له المؤلف وهو أنه لو أداها مع كراهة التنزيه فالأفضل إعادتها أيضا كما ذكره الشرنبلالي في إمداد الفتاح مستدلا بعموم قول التجنيس كل صلاة أديت مع الكراهة فإنها تعاد لا على وجه الكراهة قال وهذا شامل للإعادة بكراهة التنزيه ولا يمنع منه تمثيل الشيخ أكمل الدين بالواجب في قوله وتعاد على وجه غير مكروه أي تعاد الصلاة للاحتياط على وجه ليس فيه كراهة وهو الحكم في كل صلاة أديت مع الكراهة كما إذا ترك واجبا من واجبات الصلاة . ا هـ .
لأن الإعادة بترك الواجب واجبة فلا يمنع أن تكون الإعادة مندوبة بترك سنة لأن المكروه موجود بترك السنة والنكرة في سياق النفي بقوله تعاد على وجه ليس فيه كراهة تعم المكروه تنزيها وتحريما ا هـ .
كلام الشرنبلالي قلت ويوافقه ما قال القهستاني وفي التمرتاشي لو nindex.php?page=treesubj&link=26466_1378_17711_1418صلى وفي ثوبه صورة وجب الإعادة وقال nindex.php?page=showalam&ids=13867أبو اليسر هذا هو الحكم في كل صلاة أديت مع كراهة التحريم وفيه إشعار بأن كراهة التنزيه لا توجب وجوب الإعادة وكذا كراهة التحريم عند غير nindex.php?page=showalam&ids=13867أبي اليسر بل الأولى أن تعاد عندهم ا هـ .
وفي مكروهات الصلاة من فتح القدير والحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الإعادة أو تنزيه فتستحب ا هـ .
فاغتنم هذا التحرير . [ ص: 88 ] ( قوله فيفيد أنه لو لم يكن إماما إلخ ) إن كان مراده أن المفيد لذلك التقييد بالإمام فمسلم لكن التعليل يشمل غيره أيضا تأمل ( قوله وفي صحته نظر عندي إلخ ) قال في النهر يمكن تخريجه على ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن أن من nindex.php?page=treesubj&link=1423_1424_1420جهل فرضية الترتيب يلحق بالناسي واختاره جماعة من أئمة بخارى كما في البناية والتقييد بالصبي يرشد إليه ا هـ .
قلت : وسيذكر المؤلف هذه الرواية عن المجتبى في شرح قول المتن والنسيان .