الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( باب سجود السهو ) لما فرغ من ذكر الأداء والقضاء شرع في بيان nindex.php?page=treesubj&link=1868_24103ما يكون جابرا النقصان يقع فيهما كذا في العناية والأولى أن يقال لما فرغ من ذكر الصلاة نفلها وفرضها أداء وقضاء شرع فيما يكون جابرا لنقصان يقع فيها فإن nindex.php?page=treesubj&link=1880_24103سجود السهو في مطلق الصلاة ولا يختص بالفرائض وهذه الإضافة من باب إضافة الحكم إلى السبب وهي الأصل في الإضافات لأن الإضافة للاختصاص وأقوى وجوه الاختصاص اختصاص المسبب بالسبب وذكر في التحرير أنه لا فرق في اللغة بين النسيان والسهو وهو عدم الاستحضار في وقت الحاجة وفرق بينهما في السراج الوهاج بأن النسيان عزوب الشيء عن النفس بعد حضوره والسهو وقد يكون عما يكون كان الإنسان عالما به وعما لا يكون عالما به وظاهر كلام الجم الغفير أنه لا يجب السجود في العمد وإنما تجب الإعادة إذا ترك واجبا عمدا جبرا لنقصانه وذكر الولوالجي في فتاويه أن nindex.php?page=treesubj&link=1869الواجب إذا تركه عمدا لا ينجبر بسجدتي السهو ولأنهما عرفتا جابرتين بالشرع والشرع ورد حالة السهو وجعلهما مثلا لهذا الفائت لا فوقه لأن الشيء لا يجبر بما فوقه والنقصان المتمكن بترك الواجب عامدا فوق النقصان المتمكن بتركه ساهيا وهذا الجابر إذا كان مثلا للفائت سهوا كان أدون من الفائت عمدا والشيء لا يجبر بما هو دونه ا هـ .
وحاصله أن الملاءمة بين السبب والمسبب شرط والعمد جناية محضة والسجدة عبادة فلا تصلح سببا لها وهذا [ ص: 99 ] بإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين واجب وواجب فما في المجتبى من أنه لا سجود في تركه عمدا إلا في مسألتين ذكره فخر الإسلام البديعي إذا nindex.php?page=treesubj&link=23393_28164_24779_1869ترك القعدة الأولى عمدا أو شك في بعض أفعال صلاته فتفكر عمدا حتى شغله ذلك عن ركن قلت له كيف يجب سجود السهو بالعمد قال ذلك سجود العذر لا سجود السهو ا هـ .
وما في الينابيع عن الناطفي nindex.php?page=treesubj&link=1868_24103لا يجب سجود السهو في العمد إلا في موضعين الأول تأخير إحدى سجدتي الركعة الأولى إلى آخر الصلاة والثاني ترك القعدة الأولى ا هـ .
فتحصل أنها ثلاثة مواضع مشكل ولعلهم نظروا إلى أن هذه الواجبات الثلاثة أدنى الواجبات فصلح أن يجبرها سجود السهو حالة العمد أما القعدة الأولى فللاختلاف في وجوبها بل قد أطلق أكثر مشايخنا عليها اسم السنة كما قدمناه وكذا الثاني والثالث لم يكن لهما دليل صريح في الوجوب ( قوله يجب بعد السلام سجدتان بتشهد وتسليم بترك واجب وإن تكرر ) بيان لأحكام الأول nindex.php?page=treesubj&link=1885_1873_1872_1866_24103وجوب سجدتي السهو وهو ظاهر الرواية لأنه شرع لرفع نقص تمكن في الصلاة ورفع ذلك واجب وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري أنه سنة كذا في المحيط وصحح في الهداية وغيرها الوجوب لأنها تجب لجبر نقصان تمكن في العبادة فتكون واجبة كالدماء في الحج ويشهد له من السنة ما ورد في الأحاديث الصحيحة من الأمر بالسجود والأصل في الأمر أن يكون للوجوب ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ذلك وفي معراج الدراية إنما جبر النقصان في باب الحج بالدم وفي باب الصلاة بالسجود لأن الأصل أن الجبر من جنس الكسر وللمال مدخل في باب الحج فيجبر نقصانه بالدم ولا مدخل للمال في باب الصلاة فيجبر النقصان بالسجدة . ا هـ .
وظاهر كلامهم أنه إذا لم يسجد فإنه يأثم بترك الواجب ولترك سجود السهو ثم اعلم أن الوجوب مقيد بما إذا كان الوقت صالحا حتى أن من nindex.php?page=treesubj&link=25351_1423_1875_24103عليه السهو في صلاة الصبح إذا لم يسجد حتى طلعت الشمس بعد السلام الأول سقط عنه السجود وكذا إذا سها في قضاء الفائتة فلم يسجد حتى احمرت وكذا في الجمعة إذا خرج وقتها وكل nindex.php?page=treesubj&link=1874_24103ما يمنع البناء إذا وجد بعد السلام يسقط السهو .
( قوله ولا يختص بالفرائض ) قال في النهر أقول : قد مر عن صدر الشريعة [ ص: 99 ] أن الأداء يقال على النفل أيضا وقد أفصح عن ذلك في الدراية فقال لما ذكر الفرائض أتبعها النوافل لأنها من الأداء ( قوله فتحصل أنها ثلاثة مواضع ) زاد في النهر عن ألغاز ابن الشحنة رابعة وهي ما إذا صلى على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في القعدة الأولى قال الرملي وذكر في الجواهر عن الزاهدي في كتابه بغية المنية وكذا لو ترك قراءة الفاتحة فتكون خمسا ( قوله مشكل ) خبر ما في قوله فما في المجتبى إلخ ( قوله ولعلهم نظروا إلخ ) قال في النهر فيه ما لا يخفى ا هـ .
أي لأن هذا الجواب لا يدفع أصل الإشكال كما قاله الشيخ إسماعيل ولأنه لو كان نظرهم إلى ذلك لكان ينبغي أن يكون الحكم كذلك فيما لو nindex.php?page=treesubj&link=28141_1550_24103ترك قراءة التشهد في القعدة الأولى وفيما لو nindex.php?page=treesubj&link=23393_28141_24103_25353ترك الطمأنينة في الركوع والسجود فإن الأول سنة عند الأسروشني
وكذا الثاني عند الجرجاني كما في غاية البيان في باب صفة الصلاة هذا وفي الشرنبلالية قوله إذ في العمد يأثم ولا يجب سجدة أقول : أشار به إلى ضعف القول بأنه nindex.php?page=treesubj&link=24103يجب السهو بترك بعض الواجبات عمدا كما نقله المقدسي عن الولوالجية ا هـ .
ورأيت في فتاوى العلامة قاسم ما صورته وأما قول الناطفي في العمد وقول البديع أن هذا سجود العذر فمما لم نعلم له أصلا في الرواية ولا وجها في الدراية ويخالفه قوله في المحيط ولا يجب بتركه أو بتغييره عمدا لأن السجدة شرعت جابرة نظرا للمعذور لا للمتعمد ولما اتفقوا عليه من أن سبب وجوبه ترك الواجب الأصلي أو تغييره ساهيا وهذا هو الذي يعتمد للفتوى والعمل ا هـ .
( قوله وظاهر كلامهم إلخ ) قال في النهر فيه نظر بل إنما يأثم لترك الجابر فقط إذ لا إثم على الساهي نعم هو في صورة العمد ظاهر وينبغي أن يرتفع هذا الإثم بإعادتها
( قوله وكذا إذا سها في قضاء الفائتة إلخ ) أي في قضائها في وقت العصر وتقييده بالفائتة مخرج لما إذا كان يصلي العصر الوقتية فلم يسجد حتى احمرت فمقتضاه أنه يسجد وهو مخالف لما في القنية مت برمز مجد الأئمة التركماني nindex.php?page=treesubj&link=1875_1423_24103صلى العصر وعليه سهو فاصفرت الشمس لا يسجد للسهو ا هـ .
لكن هذا مشكل فالظاهر حمل العصر في كلام القنية على القضاء كما هنا لأن وقت الاحمرار ليس وقتا له بخلاف الوقتية فإنه يصح إنشاؤها فيه فإيقاع السجود فيه يصح بالأولى تأمل .