الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإن سجد للخامسة تم فرضه وضم إليه سادسة ) أي لم يفسد فرضه بسجوده كما فسد فيما إذا لم يقعد هذا هو المراد بالتمام وإلا فصلاته ناقصة كما سيأتي وإنما لم يفسد لأن الباقي أصابه لفظ السلام وهي واجبة وإنما يضم إليها أخرى لتصير الركعتان له نفلا للنهي عن الركعة الواحدة وإذا ضم فإنه يتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو كما سيأتي ثم لا ينوبان عن سنة الظهر هو الصحيح لأن المواظبة عليهما إنما كانت بتحريمة مبتدأة أطلق في الضم فشمل ما إذا كان في وقت مكروه كما بعد الفجر والعصر لأن التطوع إنما يكره فيهما إذا كان عن اختيار أما إذا لم يكن عن اختيار فلا وعليه الاعتماد وكذا في الخانية وهو الصحيح كذا في التبيين وعليه الفتوى كذا في المجتبى لكن اختلف في الضم في غير وقت الكراهة قيل بالوجوب وقيل بالاستحباب كما قدمناه وأما في وقت الكراهة فقيل بالكراهة والمعتمد المصحح أنه لا بأس به كما عبروا به بمعنى أن الأولى تركه فظاهره أنه لم يقل أحد بوجوبه ولا باستحبابه وفرق الشارح بين الفجر والعصر فصح أنه لا يكره في العصر وجزم بالكراهة في الصبح وفيه نظر إذ لا فرق بين الفجر والعصر فكما صحح عدمها في العصر لزمه تصحيح عدمها في الفجر ولذا سوى بينهما في فتح القدير

                                                                                        وقال والنهي عن التنفل القصدي بعدهما ولذا إذا تطوع من آخر الليل فلما صلى ركعة طلع الفجر الأول أن يتمها ثم يصلي ركعتي الفجر لأنه لم يتنفل بأكثر من ركعتي الفجر قصدا ا هـ .

                                                                                        وصرح في التجنيس بأن الفتوى على رواية هشام من عدم الفرق بين الصبح والعصر في عدم كراهة الضم وإن لم يتم الركعتين نفلا فلا شيء عليه كما قدمناه وفي المحيط وإن شرع معه رجل في الخامسة يصلي ركعتين عند أبي يوسف وعند محمد ستا بناء على أن إحرام الفرض انقطع بالانتقال إلى النفل عند أبي يوسف لأن من ضرورة الانتقال إلى النفل انقطاع الفرض فلم يصح شارعا إلا في هذا الشفع وعند محمد لم ينقطع إحرام الفرض وهو الأصح لأنه صار شارعا في النفل من غيره تكبيرة جديدة ولو انقطعت التحريمة لاحتاج إلى تكبيرة جديدة لأن الإحرام الجديد لا ينعقد إلا بتكبيرة جديدة ولما بقيت التحريمة صار شارعا في الكل ولو قطع المقتدي هذا النفل قال محمد لا شيء عليه لأنها غير مضمونة على الإمام فلا تصير مضمونة على المقتدي

                                                                                        وقال أبو يوسف يلزمه قضاء ركعتين وهو الأصح لأن النفل مضمون في الأصل وإنما لم يصر مضمونا على الإمام هنا لعارض وهو شروعه فيه ساهيا وقد انعدم هذا العارض في حق المقتدي صلاة الإمام مضمونة في حق المقتدي بخلاف اقتداء البالغ بالصبي في النوافل فلا يصح عند عامة المشايخ لأن التطوع إنما لم يصر مضمونا على الصبي بأمر أصلي وهو الصبا فلا يمكن أن يجعل معدوما في حق المقتدي فبقي بمنزلة اقتداء المفترض بالمتنفل ا هـ .

                                                                                        فالحاصل أن المصحح قول محمد في كونه يصلي ستا وقول أبي يوسف في لزوم ركعتين لو أفسدها وفي السراج الوهاج وعليه الفتوى وقد قدمنا أنه إذا اقتدى به في الخامسة ولم يكن قعد الإمام قدر التشهد ولم يعد فإنه يلزمه الست والفرق بين المسألتين أن في المسألة الأولى التزم صلاة الإمام وهي ست ركعات نفلا والشروع في النفل لا يوجب أكثر من ركعتين إلا بالاقتداء وهاهنا الإمام لم يكن [ ص: 114 ] متنفلا إلا بركعتين فلزم المأموم ركعتان وفي السراج الوهاج إذا قعد في الرابعة قدر التشهد وقام إلى الخامسة ساهيا واقتدى به رجل لا يصح اقتداؤه ولو عاد إلى القعدة لأنه لما قام إلى الخامسة فقد شرع في النفل فكان اقتداء المفترض بالمتنفل ولو لم يقعد التشهد صح الاقتداء لأنه لم يخرج من الفرض قبل أن يقيدها بسجدة ا هـ .

                                                                                        ( قوله وسجد للسهو ) الظاهر رجوعه إلى كل من المسألتين فإن كانت الأولى وهي ما إذا عاد وسلم فظاهر لأنه أخر الواجب وهو السلام وكذا إذا شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فاشتغل بفكره حتى أخر السلام لزمه السهو وإن كانت الثانية وهي ما إذا لم يعد حتى سجد ففيه ثلاثة أقوال فعند أبي يوسف سبب سجوده النقصان المتمكن في النفل بالدخول فيه لا على الوجه المسنون لأنه لا وجه لأن يجب لجبر نقصان في الفرض لأنه قد انتقل منه إلى النفل ومن سها في صلاة لا يجب عليه أن يسجد في أخرى وعند محمد هو لجبر نقصان تمكن بالدخول فيه في الفرض بترك الواجب وهو السلام وصحح الماتريدي أنه جابر للنقص المتمكن في الإحرام فينجبر النقص المتمكن في الفرض والنفل جميعا واختاره في الهداية .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله والمعتمد المصحح أنه لا بأس به ) قال في النهر وعلى هذا فالأولى أن يكون معنى ضم أي جاز له الضم ليعم كل وقت وإلا يخرج عن كلامه بتقدير حمله على الندب والوجوب وقت الكراهة ا هـ .

                                                                                        وقد يقال أن مرادهم الندب لأن الصلاة أقل مراتبها الاستحباب لا الإباحة بدليل ما يأتي من أنه إذا تطوع فصلى ركعة ثم طلع الفجر فالأولى أن يتمها وإنما عبروا هنا بلا بأس لأن الوقت المكروه هنا محل توهم أن في الصلاة فيه بأسا فعبروا بلا بأس للدلالة على أنه لا يكره التطوع فيه وذلك لا ينافي أن الإتمام أفضل كما هو ظاهر إطلاق قولهم وضم سادسة لشموله الوقت المكروه تأمل [ ص: 114 ] ( قوله وعند محمد هو لجبر نقصان إلخ ) قال ابن أمير حاج في شرحه على المنية قال فخر الإسلام أنه المعتمد للفتوى وصاحب المحيط هو الأصح ا هـ .

                                                                                        ( قوله تمكن بالدخول فيه ) الباء للسببية وضمير فيه راجع للنفل وقوله في الفرض متعلق بنقصان أو بتمكن وقوله بترك الواجب بدل من قوله بالدخول فيه ( قوله واختاره في الهداية ) قال في النهر لكن كلام الشارحين لها يأباه ولو لا خوف الإطالة لبيناه .




                                                                                        الخدمات العلمية