. ( قوله وتؤدى في مصر في مواضع ) أي
[ ص: 154 ] يصح
nindex.php?page=treesubj&link=905_1010أداء الجمعة في مصر واحد بمواضع كثيرة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وهو الأصح ; لأن في الاجتماع في موضع واحد في مدينة كبيرة حرجا بينا ، وهو مدفوع كذا ذكر الشارح وذكر
الإمام السرخسي أن الصحيح من مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة جواز إقامتها في مصر واحد في مسجدين وأكثر وبه نأخذ لإطلاق : لا جمعة إلا في مصر شرط المصر فقط ، وفي فتح القدير الأصح الجواز مطلقا خصوصا إذا كان مصرا كبيرا
كمصر فإن في إلزام اتحاد الموضع حرجا بينا لاستدعائه تطويل المسافة على الأكثر وذكر في باب الإمامة أن الفتوى على جواز التعدد مطلقا وبما ذكرناه اندفع ما في البدائع من أن ظاهر الرواية جوازها في موضعين ، ولا يجوز في أكثر من ذلك ، وعليه الاعتماد ا هـ فإن المذهب الجواز مطلقا وإذا علمت ذلك فما في القنية ولما ابتلي أهل
مرو بإقامة الجمعتين بها مع اختلاف العلماء في جوازهما ففي قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، ومن تابعهما باطلتان إن وقعتا معا وإلا فجمعة المسبوقين باطلة أمر أئمتهم بأداء الأربع بعد الجمعة حتما احتياطا ثم اختلفوا في نيتها والأحسن أن ينوي آخر ظهر عليه والأحوط أن يقول نويت آخر ظهر أدركت وقته ، ولم أصله بعد ; لأن ظهر يومه إنما يجب عليه بآخر الوقت في ظاهر المذهب ، ثم اختلفوا في القراءة فقيل يقرأ الفاتحة والسورة في الأربع وقيل في الأوليين كالظهر ، وهو اختياري ، والمختار عندي أن يحكم فيها رأيه واختلفوا أنه هل يجب مراعاة الترتيب في الأربع بعد الجمعة بمرور العصر حسب اختلافهم في نيته ، واختلفوا في سبق الجمعة بماذا يعتبر إذا اجتمعا في مصر واحد فقيل : بالشروع وقيل : بالفراغ وقيل بهما والأول أصح ا هـ .
مبني كله على القول الضعيف المخالف للمذهب فليس الاحتياط في فعلها ; لأنه العمل بأقوى الدليلين ، وقد علمت أن مقتضى الدليل هو الإطلاق وأما ما استدل به من يمنع التعدد من أنها سميت جمعة
[ ص: 155 ] لاستدعائها الجماعات فهي جامعة لها فلا يفيده ; لأنه حاصل مع التعدد ; ولهذا قال
العلامة ابن جرباش في النجعة في تعداد الجمعة لا يقال : إن القول بالاجتماع المطلق قول بالاحتياط ، وهو متعين في مثله ليخرج به المكلف عن عهدة ما كلف به بيقين ; لأن الاجتماع أخص من مطلق الاجتماع ،
ووجود الأخص يستلزم وجود الأعم من غير عكس ولأن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين ، ولم يوجد دليل عدم جواز التعدد بل قضية الضرورة عدم اشتراطه ، وقد قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78، وما جعل عليكم في الدين من حرج } ا هـ بلفظه مع ما لزم من فعلها في زماننا من المفسدة العظيمة ، وهو اعتقاد الجهلة أن الجمعة ليست بفرض لما يشاهدون من صلاة الظهر فيظنون أنها الفرض ، وأن الجمعة ليست بفرض فيتكاسلون عن أداء الجمعة فكان الاحتياط في تركها وعلى تقدير فعلها ممن لا يخاف عليه مفسدة منها فالأولى أن تكون في بيته خفية خوفا من مفسدة فعلها والله سبحانه الموفق للصواب .
. ( قَوْلُهُ وَتُؤَدَّى فِي مِصْرٍ فِي مَوَاضِعَ ) أَيْ
[ ص: 154 ] يَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=905_1010أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّ فِي الِاجْتِمَاعِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ حَرَجًا بَيِّنًا ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَذَكَرَ
الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُ إقَامَتِهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَسْجِدَيْنِ وَأَكْثَرَ وَبِهِ نَأْخُذُ لِإِطْلَاقِ : لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي مِصْرٍ شَرْطُ الْمِصْرِ فَقَطْ ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْأَصَحُّ الْجَوَازُ مُطْلَقًا خُصُوصًا إذَا كَانَ مِصْرًا كَبِيرًا
كَمِصْرِ فَإِنَّ فِي إلْزَامِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ حَرَجًا بَيِّنًا لِاسْتِدْعَائِهِ تَطْوِيلَ الْمَسَافَةِ عَلَى الْأَكْثَرِ وَذَكَرَ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى جَوَازِ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ جَوَازُهَا فِي مَوْضِعَيْنِ ، وَلَا يَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ ا هـ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَمَا اُبْتُلِيَ أَهْلُ
مَرْوَ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَتَيْنِ بِهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِهِمَا فَفِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، وَمَنْ تَابَعَهُمَا بَاطِلَتَانِ إنْ وَقَعَتَا مَعًا وَإِلَّا فَجُمُعَةُ الْمَسْبُوقِينَ بَاطِلَةٌ أُمِرَ أَئِمَّتُهُمْ بِأَدَاءِ الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتْمًا احْتِيَاطًا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نِيَّتِهَا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْوِيَ آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ نَوَيْت آخِرَ ظُهْرٍ أَدْرَكْت وَقْتَهُ ، وَلَمْ أُصَلِّهِ بَعْدُ ; لِأَنَّ ظُهْرَ يَوْمِهِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِآخِرِ الْوَقْتِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَةِ فَقِيلَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ فِي الْأَرْبَعِ وَقِيلَ فِي الْأُولَيَيْنِ كَالظُّهْرِ ، وَهُوَ اخْتِيَارِيٌّ ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنْ يُحَكِّمَ فِيهَا رَأْيَهُ وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِمُرُورِ الْعَصْرِ حَسَبَ اخْتِلَافِهِمْ فِي نِيَّتِهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي سَبْقِ الْجُمُعَةِ بِمَاذَا يُعْتَبَرُ إذَا اجْتَمَعَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فَقِيلَ : بِالشُّرُوعِ وَقِيلَ : بِالْفَرَاغِ وَقِيلَ بِهِمَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ا هـ .
مَبْنِيٌّ كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْمُخَالِفِ لِلْمَذْهَبِ فَلَيْسَ الِاحْتِيَاطُ فِي فِعْلِهَا ; لِأَنَّهُ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ هُوَ الْإِطْلَاقُ وَأَمَّا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَمْنَعُ التَّعَدُّدَ مِنْ أَنَّهَا سُمِّيَتْ جُمُعَةً
[ ص: 155 ] لِاسْتِدْعَائِهَا الْجَمَاعَاتِ فَهِيَ جَامِعَةٌ لَهَا فَلَا يُفِيدُهُ ; لِأَنَّهُ حَاصِلٌ مَعَ التَّعَدُّدِ ; وَلِهَذَا قَالَ
الْعَلَّامَةُ ابْنُ جِرْبَاشَ فِي النُّجْعَةِ فِي تَعْدَادِ الْجُمُعَةِ لَا يُقَالُ : إنَّ الْقَوْلَ بِالِاجْتِمَاعِ الْمُطْلَقِ قَوْلٌ بِالِاحْتِيَاطِ ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِي مِثْلِهِ لِيَخْرُجَ بِهِ الْمُكَلَّفُ عَنْ عُهْدَةِ مَا كُلِّفَ بِهِ بِيَقِينٍ ; لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الِاجْتِمَاعِ ،
وَوُجُودُ الْأَخَصِّ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْأَعَمِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَلِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُوَ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ ، وَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ عَدَمِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ بَلْ قَضِيَّةُ الضَّرُورَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } ا هـ بِلَفْظِهِ مَعَ مَا لَزِمَ مِنْ فِعْلِهَا فِي زَمَانِنَا مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْعَظِيمَةِ ، وَهُوَ اعْتِقَادُ الْجَهَلَةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ لِمَا يُشَاهِدُونَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيَظُنُّونَ أَنَّهَا الْفَرْضُ ، وَأَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فَيَتَكَاسَلُونَ عَنْ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي تَرْكِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ فِعْلِهَا مِمَّنْ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ مِنْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ فِي بَيْتِهِ خِفْيَةً خَوْفًا مِنْ مَفْسَدَةِ فِعْلِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ .