الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله- :
900 942 – نا nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال: سألته: هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ فقال أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم، أن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650890غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=1830_32857يصلي لنا، فقامت طائفة معه وأقبلت طائفة على العدو، وركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل، فجاءوا فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم ركعة وسجد سجدتين، " ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين " .
وخرجه في موضع آخر من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر وفليح كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، به - بمعناه. وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة نحو رواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - أيضا.
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من رواية حكام بن سلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية ، قال: صلى بنا nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري بأصبهان صلاة [ ص: 13 ] الخوف، وما كان كبير خوف; ليرينا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقام فكبر، وكبر معه طائفة من القوم، وطائفة بإزاء العدو، فصلى بهم ركعة فانصرفوا، وقاموا مقام إخوانهم، فجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة أخرى، ثم سلم، فصلى كل واحد منهم الركعة الثانية وحدانا.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية ، أن nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى كان بالدار من أرض أصبهان ، وما بها كبير خوف، ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم، فجعلهم صفين: طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها، وطائفة من ورائها، فصلى بالذين بإزائه ركعة، ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الأخرى، وجاءوا يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى، ثم سلم، فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض، فتمت للإمام ركعتان في جماعة، وللناس ركعة ركعة .
يعني: في جماعة.
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد في " مسنده".
وهو إسناد جيد.
وهو في حكم المرفوع; لما ذكر فيه من تعليمهم بسنة نبيهم.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، عن أبي حرة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه - فذكر نحوه، وفيه زيادة على حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أن الطائفة الأولى لما صلت ركعة وذهبت لم تستدبر القبلة، بل نكصت على أدبارها.
وروي - أيضا - عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- نحو ذلك، من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=684225صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة [ ص: 14 ] الخوف، فقاموا صفين، فقام صف خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف مستقبل العدو، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالصف الذين يلونه ركعة ، ثم قاموا فذهبوا، فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدو، وجاءوا أولئك فقاموا مقامهم، فصلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ركعة، ثم سلم، ثم قاموا فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا ثم ذهبوا، فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدو، ورجع أولئك إلى مقامهم، فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا.
خرجه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد - وهذا لفظه - nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود - بمعناه.
وخصيف مختلف في أمره. وأبو عبيدة ، لم يسمع من أبيه، لكن رواياته عنه أخذها عن أهل بيته، فهي صحيحة عندهم.
وهذه الصفة توافق حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة ، إلا في تقدم الطائفة الثانية بقضاء ركعة، وذهابهم إلى مقام أولئك مستقبلي العدو، ثم مجيء الطائفة الأولى إلى مقامهم فقضوا ركعة.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة فيهما: قيام الطائفتين يقضون لأنفسهم، وظاهره: أنهم قاموا جملة وقضوا ركعة ركعة وحدانا.
وقد رواه جماعة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف ، عن أبي عبيدة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وزادوا فيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر وكبر الصفان معه جميعا.
وقد خرجه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود .
وزاد الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : " وهم في صلاة كلهم".
واختلف العلماء في nindex.php?page=treesubj&link=1817صلاة الخوف على الصفة المذكورة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن [ ص: 15 ] عمر ، وما وافقه:
فذهب الأكثرون إلى أنها جائزة وحسنة، وإن كان غيرها أفضل منها، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - في أصح قوليه - nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق وغيرهم.
وقالت طائفة: هي غير جائزة على هذه الصفة; لكثرة ما فيها من الأعمال المباينة للصلاة من استدبار القبلة والمشي الكثير، والتخلف عن الإمام، وادعوا أنها منسوخة، وهو أحد القولين nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي .
ودعوى النسخ هاهنا لا دليل عليها.
وقالت طائفة: هي جائزة كغيرها من أنواع صلاة الخوف الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- لا فضل لبعضها على بعض، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ، نقله عنه ابن منصور .
ونقل حرب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ، أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود يعمل به إذا كان العدو في غير جهة القبلة.
وكذلك حكى بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان كلام nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان في العمل بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على ذلك.
وقالت طائفة: هي أفضل أنواع صلاة الخوف، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، وأهل الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه، ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وأشهب المالكي.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يعلم الناس صلاة الخوف على هذا الوجه.
وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح ، أنه ذهب إلى حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وفيه: أن الطائفة الثانية تصلي مع الإمام الركعة الثانية، ثم إذا سلم قضت ركعة، ثم ذهبت إلى مكان الطائفة الأولى، ثم قضت الطائفة الأولى ركعة، ثم تسلم.
وقد قيل: إن هذا هو قول nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب .
[ ص: 16 ] وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، أنه ذهب إلى هذا - أيضا.
وقال بعض أصحابنا: هو أحسن من الصلاة على حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ; لأن صلاة الطائفة الثانية خلت عن مفسد بالكلية.
قالوا: وإنما يصلي الناس صلاة الخوف بعده بإمامين، كل إمام يصلي بطائفة صلاة تامة، ويسلم بهم.
وهذا مردود بإجماع الصحابة على صلاتها في حروبهم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد صلاها بعده: nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، وحذيفة بن اليمان ، nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ، مع حضور غيرهم من الصحابة، ولم ينكره أحد منهم.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وغيره يعلمون الناس صلاة الخوف، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وغيرهما يروونها للناس تعليما لهم، ولم يقل أحد منهم: إن ذلك من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم.
وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، أنها تجوز في السفر دون الحضر، وهو قول عبد الملك بن الماجشون من أصحابه.
[ ص: 17 ] ويحتج له بحمل آية القصر على صلاة الخوف، وقد شرط لها شرطان: السفر والخوف، كما سبق; ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- إنما كان يصلي صلاة الخوف في أسفاره، ولم يصلها في الحضر مع أنه حوصر بالمدينة عام الخندق، وطالت مدة الحصار، واشتد الخوف، ولم يصل فيها صلاة الخوف.
وقد قيل: إن صلاة الخوف إنما شرعت بعد غزوة الأحزاب في السنة السابعة.
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " المغازي" من كتابه هذا - تعليقا - من حديث عمران القطان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=653815صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة: غزوة ذات الرقاع.
وخرجه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=695069غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ست مرار قبل صلاة الخوف، وكانت صلاة الخوف في السابعة.
وقد تقدم في حديث أبي عياش ، أن أول صلاة الخوف كانت بعسفان وعلى المشركين nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي بإسناد له، عن nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، أن ذلك كان في مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عمرة الحديبية.
وقد تقدم أن nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى صلى بأصبهان هذه الصلاة، ولم يكن هناك كبير خوف، وإنما صلى بهم ليعلمهم سنة صلاة الخوف.
وهذا قد يحمل على أنه كان ثم خوف يبيح هذه الصلاة، ولم يكن وجد خوف شديد يبيح الصلاة بالإيماء.
[ ص: 18 ] وقد قال أصحابنا وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لو صلى صلاة الخوف على ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في غير خوف لم تصح صلاة المأمومين كلهم; لإتيانهم بما لا تصح معه الصلاة في غير حالة الخوف من المشي والتخلف عن الإمام.
فأما الإمام، فلأصحابنا في صلاته وجهان، بناء على أن الإمام إذا بطلت صلاة من خلفه، فهل تبطل صلاته لنيته الإمامة وهو منفرد، أو يتمها منفردا وتصح؟ وفيه وجهان للأصحاب.