الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2563 [ ص: 95 ] 14 - باب: الصلح بالدين والعين

                                                                                                                                                                                                                              2710 - حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عثمان بن عمر ، أخبرنا يونس . وقال الليث : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عبد الله بن كعب ، أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهما حتى كشف سجف حجرته ، فنادى كعب بن مالك : فقال : " يا كعب" . فقال : لبيك يا رسول الله . فأشار بيده أن ضع الشطر . فقال كعب : قد فعلت يا رسول الله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "قم فاقضه" . [انظر : 457 - مسلم: 1558 - فتح: 5 \ 311]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث كعب مع ابن أبي حدرد .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف قريبا ، وفي الصلاة في المساجد قال ابن التين : وليس ببين فيه ما بوب له .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : فيه أنه قال : "قم فاقضه" ، وهو أعم كما ذكر ، واتفق العلماء أن من صالح غريمه عن دراهم بدراهم أقل منها أو عن ذهب بذهب أقل منه أنه جائز إذا حل الأجل وإن أخره بذلك ; لأنه حط عنه وأحسن إليه ، ولا يدخله دين في دين ، وقد قال - عليه السلام - : "من أنظر معسرا أو وضع عنه تجاوز الله عنه" .

                                                                                                                                                                                                                              ولا يجوز أن يحط عنه شيئا قبل حلول الأجل على أن يقضيه مكانه ; لأنه يدخله : ضع وتعجل .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 96 ] وأما إن صالحه بعد حلول الأجل عن دراهم بدنانير أو عكسه لم يجز إلا بالقبض ; لأنه صرف .

                                                                                                                                                                                                                              فإن قبض بعضا وبقى بعضا جاز فيما قبض وانتقض فيما لم يقبض .

                                                                                                                                                                                                                              فإن كان الدين عرضا فلا يجوز له في غير جنسه مما يتأخر قبض جميعه ; لأنه الدين بالدين ، فإن كان ناجزا فلا بأس به .

                                                                                                                                                                                                                              هذا قول مالك ، وإذا تقاضاه مثل دينه عند حلول الأجل على غير وجه الصلح فإنه يقضيه مكانه ، ولا يجوز أن يحيله به غريمه على من له عليه دين ; لأنه يكون الدين بالدين الذي نهي عنه ولذلك قال : "قم فاقضه" .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية