الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
14538 [ ص: 182 ] 6331 - (14955) - (3 \ 368) عن جابر بن عبد الله : أنه قال : إن امرأة من اليهود بالمدينة ولدت غلاما ممسوحة عينه ، طالعة ناتئة ، فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون الدجال ، فوجده تحت قطيفة يهمهم ، فآذنته أمه ، فقالت : يا عبد الله ! هذا أبو القاسم قد جاء فاخرج إليه . فخرج من القطيفة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لها قاتلها الله ، لو تركته لبين " ، ثم قال : "يا ابن صائد ! ما ترى ؟ " ، قال : أرى حقا ، وأرى باطلا ، وأرى عرشا على الماء . قال : فلبس عليه . فقال : أتشهد أني رسول الله ؟ " ، فقال هو : أتشهد أني رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "آمنت بالله ورسله " ، ثم خرج وتركه .

ثم أتاه مرة أخرى ، فوجده في نخل له يهمهم ، فآذنته أمه ، فقالت : يا عبد الله ! هذا أبو القاسم قد جاء .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لها قاتلها الله ، لو تركته لبين " ، قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمع أن يسمع من كلامه شيئا فيعلم هو هو أم لا ؟ قال : "يا بن صائد ! ما ترى ؟ " ، قال : أرى حقا ، وأرى باطلا ، وأرى عرشا على الماء . قال : "أتشهد أني رسول الله ؟ " ، قال هو : أتشهد أني رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "آمنت بالله ورسله" فلبس عليه ، ثم خرج فتركه .

ثم جاء في الثالثة أو الرابعة ، ومعه أبو بكر وعمر بن الخطاب في نفر من المهاجرين والأنصار ، وأنا معه ، قال : فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا ، ورجا أن يسمع من كلامه شيئا ، فسبقته أمه إليه ، فقالت : يا عبد الله ! هذا أبو القاسم قد جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما لها قاتلها الله ، لو تركته لبين " ، فقال : "يا بن صائد ! ما ترى ؟ " ، قال : أرى حقا ، وأرى باطلا ، وأرى عرشا على الماء . قال : "أتشهد أني رسول الله ؟ " ، قال : أتشهد أنت أني رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "آمنت بالله ورسله " ، فلبس عليه .

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا بن صائد ! إنا قد خبأنا لك خبيئا ، فما هو ؟ " ،

[ ص: 183 ] قال : الدخ الدخ . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اخسأ ، اخسأ" فقال عمر بن الخطاب : ائذن لي فأقتله يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن يكن هو ، فلست صاحبه ، إنما صاحبه عيسى بن مريم ، وإن لا يكن ، فليس لك أن تقتل رجلا من أهل العهد " . قال : فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مشفقا أنه الدجال .


التالي السابق


* قوله : "طالعة " : أي : عينه .

* "ناتئة " : بهمزة في آخره ; أي : مرتفعة .

* "فأشفق " : أي : خاف .

* "يهمهم " : الهمهمة : ترديد الصوت في الصدر .

* "فآذنته " : - بالمد - ; أي : أعلمته وأخبرته .

* "فاخرج " : صيغة أمر من الخروج .

* "فلبس " : على بناء المفعول - مخففا أو مشددا - ; أي : خلط الأمر عليه ، ويحتمل أنه على بناء الفاعل ; أي : لبس الأمر على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكون هذا من قول جابر ; لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم :

* "فيعلم هو هو " : أي : فيعلم أنه الدجال أم لا ؟

* "قد خبأنا لك خبيئا " : أي : أضمرنا لك أمرا مضمرا في القلب ، وكانوا يفعلون ذاك بالكهنة .

* "الدخ " : - بضم دال وتشديد خاء - بمعنى : الدخان ، وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم أضمر له قوله : تعالى : يوم تأتي السماء بدخان مبين [الدخان : 10] ، فأتى ببعضه كما هو شأن الكهنة .

* "اخسأ " : آخره همزة ; أي : اسكت مطرودا طرد الكلب .

* "إن يكن هو " : من إقامة المرفوع موضع المنصوب ; أي : إن يكن الدجال .

* "فلست صاحبه " : أي : قاتله .




الخدمات العلمية