الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر العلة التي من أجلها لا يشفع الأنبياء للناس يوم القيامة في الوقت الذي ذكرناه

                                                                                                                          6465 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال : حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة ، قال : وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم ، فتناول الذراع ، وكان أحب الشاة إليه ، [ ص: 381 ] فنهس نهسة ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، ثم نهس أخرى ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، ثم نهس أخرى ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، فلما رأى أصحابه لا يسألونه ، قال : ألا تقولون : كيف ؟ قالوا : كيف يا رسول الله ؟ قال : يقوم الناس لرب العالمين ، فيسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس من رءوسهم ، فيشتد عليهم حرها ، ويشق عليهم دنوها منهم ، فينطلقون من الجزع والضجر مما هم فيه ، فيأتون آدم ، فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه كان أمرني بأمر فعصيته ، فأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

                                                                                                                          فينطلقون إلى نوح ، فيقولون : يا نوح أنت نبي الله ، وأول من أرسل ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي ، فأهلكوا ، وإني أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

                                                                                                                          [ ص: 382 ] فينطلقون إلى إبراهيم ، فيقولون : يا إبراهيم أنت خليل الله ، قد سمع بخلتكما أهل السماوات والأرض ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وذكر قوله في الكواكب : هذا ربي وقوله لآلهتهم : بل فعله كبيرهم هذا وقوله : إني سقيم وإني أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي . فينطلقون إلى موسى ، فيقولون : يا موسى أنت نبي اصطفاك الله برسالاته ، وكلمك تكليما ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قد قتلت نفسا ، ولم أؤمر بها ، فأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

                                                                                                                          فينطلقون إلى عيسى ، فيقولون : يا عيسى أنت نبي الله ، وكلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .

                                                                                                                          قال عمارة : ولا أعلمه ذكر ذنبا .

                                                                                                                          فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : أنت رسول الله ، وخاتم النبيين ، [ ص: 383 ] غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، فأنطلق فآتي العرش ، فأقع ساجدا لربي ، فيقيمني رب العالمين منه مقاما لم يقمه أحدا قبلي ، ولم يقمه أحدا بعدي ، فيقول : يا محمد أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن ، وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر ، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة إلى ما بين عضادي الباب كما بين مكة ، وهجر ، أو هجر ومكة ،
                                                                                                                          قال : لا أدري أي ذلك قال .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية