الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 163 ] آخر

152 - أخبرنا أبو طاهر المبارك ابن أبي المعالي الحريمي وأبو أحمد عبد الله بن أحمد بن صاعد الحربي - أن هبة الله أخبرهم ، أبنا الحسن ، أبنا أحمد ، ثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا سليمان بن داود ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ، عن عبيد الله ( ح ) .

153 - وأخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد - بأصبهان - وفاطمة بنت سعد [ ص: 164 ] الخير - بالقاهرة - أن فاطمة الجوزدانية أخبرتهم ، أبنا محمد بن عبد الله بن ريذة ، أبنا سليمان بن أحمد الطبراني ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا سليمان بن داود الهاشمي ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : ما نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موطن نصره في أحد ، فأنكر ذلك عليه ، فقال ابن عباس : بيني وبين من ينكر كتاب الله ، إن الله يقول : ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه ، فقال ابن عباس : والحس : القتل ، حتى إذا فشلتم ، إلى قوله : ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين ، وإنما عنى بهذا الرماة ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقامهم في مرصد ، ثم قال : احموا ظهورنا ، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا ، فلما غنم الله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأباحه عسكر المشركين انفكت الرماة جميعا ، فدخلوا العسكر ينتهبون ، وقد التفت صفوف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم هكذا ، وشبك بين أصابعه اليمنى واليسرى ، فلما أخلت الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فضرب بعضهم بعضا ، وقتل من المسلمين ناس كثير ، وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 165 ] وأصحابه من أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة ، وجال المسلمون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار ، إنما كانوا تحت المهراس ، وصاح الشيطان : قتل محمد ، فلم نشك فيه أنه حق ، وإنا كذلك لا نشك أنه حق قد قتل حتى طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الشعبين فعرفته بتكفئه إذا مشى ، قال : ففرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا ، قال : فرقا نحونا وهو يقول : " اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ويقول مرة أخرى : " اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا حتى ينتهوا إلينا " ، فمكث ساعة وإذا أبو سفيان يصيح من أسفل الجبل : " اعل هبل - يعني آلهته - أين ابن أبي كبشة ، أين ابن أبي قحافة ، أين ابن الخطاب ؟ قال : فقال عمر : يا رسول الله ، ألا أجيبه ؟ قال : " بلى " ، قال : فلما قال : اعل هبل ، قال عمر بن الخطاب : الله أعلى وأجل ، قال : فقال أبو سفيان : يا ابن الخطاب ، إنك قد أنعمت ، فعاد لمثلها فقال : أين ابن أبي كبشة ، أين ابن أبي قحافة ، أين ابن الخطاب ؟ فقال عمر : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا أبو بكر ، هذا أنا عمر ، فقال أبو سفيان : يوم بيوم بدر ، إن الأيام دول ، وإن الحرب سجال ، قال : فقال عمر : لا سواء ، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ، فقال : إنكم لتزعمون ذلك ، لقد خبنا إذا وخسرنا . ثم قال أبو سفيان : أما أنكم ستجدون في قتلاكم مثلا ولم يكن ذلك عن رأي كبرائنا ، ثم أدركته حمية الجاهلية ، فقال : أما إنه إن كان ذاك لم نكرهه .

لفظ رواية علي بن عبد العزيز .

وفي رواية الإمام أحمد عن ابن عباس ، أنه قال : ما نصر الله - [ ص: 166 ] تبارك وتعالى - في موطن كما نصر يوم أحد قال : فأنكرنا ذلك ، فقال ابن عباس : بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله - تبارك وتعالى - يقول في يوم أحد : ولقد صدقكم الله وعده ، وعنده : أقامهم في موضع ، وعنده : فلما غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأباحوا عسكر المشركين أكبالرماة جميعا فدخلوا في العسكر ينهبون ، وعنده : فهم كذا وشبك بين أصابع يديه والتبسوا ، فلما أخل الرماة ، وعنده : " وأصحابه أول النهار " ، وعنده : " فلم يشك في أنه حق ، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل حتى طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين السعدين نعرفه " ، وعنده : " يعلونا حتى انتهى إلينا " ، وعنده : " اعل هبل مرتين " ، وعنده : " ألا أجيبه " ، وعنده : " قال عمر : الله أعلى وأجل " ، وعنده : " أنعمت عنها ، فقال : أين ابن أبي كبشة " ، وعنده : " سوف تجدون في قتلاهم مثلى ، ولم يك ذاك عن رأي سراتنا ، قال : ثم " ، وعنده : " أما إنه قد كان " .

التالي السابق


الخدمات العلمية