الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3997 [ 2054 ] وعن أبي موسى قال: ولد لي غلام، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة.

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 194) والبخاري (5467) ومسلم (2145) (24).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (5) ومن باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

                                                                                              قوله: ( كان لأبي طلحة ابن يشتكي ) أي: أصابه ما يشتكي منه، وهو المرض، لا أنه صدرت عنه شكوى. هذا أصله، لكنه قد كثر تسمية المرض [ ص: 467 ] بذلك.

                                                                                              وهذا الحديث يدل على فضل أم سليم ، وتثبتها، وصبرها عند الصدمة الأولى، وكمال عقلها، وحسن تبعلها لزوجها.

                                                                                              وقولها: ( هو أسكن مما كان ) هذا من المعاريض المغنية عن الكذب; فإنها أوهمته: أن الصبي سكن ما كان به بلفظ يصلح إطلاقه لما عندها من موته، ولما فهمه أبو طلحة من سكون مرضه. وهذا كله لئلا تفاجئه بالإعلام بالمصيبة فيتنغص عليه عيشه، ويتكدر عليه وقته. فلما حصلت راحته من تعبه، وطاب عيشه بإصابة لذته التي ارتجت بسببها أن يكون لهما عوض، وخلف مما فاته عرفته بذلك، فبلغها الله أمنيتها، وأصلح ذريتها.

                                                                                              وقولها: ( واروا الصبي ) أي: ادفنوه، من مواراة الشيء، وهي تغطيته.

                                                                                              و(قوله: أعرستم الليلة ؟) هو كناية عن الجماع. يقال: أعرس الرجل بأهله: إذا بنى بها، وكذلك إذا غشيها، ولا يقال: عرس، والعامة تقولها. وقد تقدم أن العرس الزوجة، والعروس: يقال على كل واحد من الزوجين.

                                                                                              وفي هذا الحديث ما يدل على إجابة دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى عظم مكانته، [ ص: 468 ] وكرامته عند الله. وكم له منها وكم! حتى قد حصل بذلك العلم القطعي، واليقين الضروري، وذلك: أنه لما دعا لأم سليم وزوجها ولدت له من ذلك الغشيان عبد الله . وكان من أفاضل الصحابة، ثم ولد له عدة من الفضلاء، الفقهاء، العلماء: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وإخوته العشرة، كما هو مذكور في "الاستيعاب".

                                                                                              وأحاديث هذا الباب كلها متواردة على أن إخراج الصغار عند ولادتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتحنيكهم بالتمر كان سنة معروفة معمولا بها، فلا ينبغي أن يعدل عن ذلك؛ اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واغتناما لبركة الصالحين، ودعائهم. والتحنيك هنا: جعل مضيغ التمر في حنك الصبي.




                                                                                              الخدمات العلمية