الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              591 (باب التكبير في الصلاة ) .

                                                                                                                              وقال النووي: (باب إثبات التكبير في كل خفض، ورفع، في الصلاة. إلا رفعه من الركوع، فيقول فيه: سمع الله لمن حمده ) .

                                                                                                                              [ ص: 312 ] (حديث الباب ) وهو بصحيح مسلم النووي ص 97 ج 4 المطبعة المصرية .

                                                                                                                              [عن أبي بكر بن عبد الرحمن؛ أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم. ثم يكبر حين يركع. ثم يقول: "سمع الله لمن حمده" حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد" ثم يكبر حين يهوي ساجدا. ثم يكبر حين يرفع رأسه. ثم يكبر حين يسجد. ثم يكبر حين يرفع رأسه. ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها.

                                                                                                                              ويكبر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس.

                                                                                                                              ثم يقول أبو هريرة: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم
                                                                                                                              .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح) .

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه: (قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم؛ ثم يكبر حين يركع؛ ثم يقول: "سمع الله لمن حمده" حين يرفع صلبه من الركوع؛ ثم يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد" ) .

                                                                                                                              "فيه" إثبات التكبير في كل خفض، ورفع. إلا في الاعتدال من الركوع؛ فإنه يقول التسميع.

                                                                                                                              [ ص: 313 ] قال النووي: وهذا مجمع عليه اليوم، ومن الأعصار المتقدمة.

                                                                                                                              وقد كان فيه خلاف في زمن أبي هريرة.

                                                                                                                              وكان بعضهم لا يرى التكبير للإحرام.

                                                                                                                              وبعضهم يزيد عليه بعض ما جاء في حديث أبي هريرة.

                                                                                                                              وكان هؤلاء لم يبلغهم فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان أبو هريرة يقول:

                                                                                                                              إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              واستقر العمل على ما في حديث أبي هريرة هذا.

                                                                                                                              ففي كل صلاة ثنائية: إحدى عشرة تكبيرة. وهي تكبيرة الإحرام، وخمس في كل ركعة.

                                                                                                                              وفي الثلاثية سبع عشرة: وهي: تكبيرة الإحرام، وتكبيرة القيام من التشهد الأول، وخمس في كل ركعة.

                                                                                                                              وفي الرباعية ثنتان وعشرون.

                                                                                                                              ففي المكتوبات الخمس، أربع وتسعون تكبيرة.

                                                                                                                              ثم إن تكبيرة الإحرام واجبة. وما عداها سنة؛ لو تركه صحت صلاته. لكن فاتته الفضيلة، وموافقة السنة.

                                                                                                                              هذا مذهب العلماء كافة، إلا أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين: أن جميع التكبيرات واجبة.

                                                                                                                              ودليل الجمهور: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم الأعرابي الصلاة، فعلمه واجباتها.

                                                                                                                              [ ص: 314 ] فذكر منها تكبيرة الإحرام. ولم يذكر ما زاد. وهذا موضع البيان ووقته. ولا يجوز التأخير عنه.

                                                                                                                              قال في "السيل الجرار": هذه السنة -يعني: تكبيرات النقل- "ثابتة" من فعله صلى الله عليه وسلم ثبوتا متواترا، لا يشك في ذلك من له اطلاع على كتب السنة المطهرة.

                                                                                                                              وما وقع من ترك الجهر به، أو تركه بالمرة، فمن ترك السنن وظهور البدع.

                                                                                                                              (ثم يكبر حين يهوي ساجدا. ثم يكبر حين يرفع رأسه. ثم يكبر حين يسجد. ثم يكبر حين يرفع رأسه. ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها. ويكبر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس ) .

                                                                                                                              هذا دليل على مقارنة التكبير لهذه الحركات، وبسطه عليها.

                                                                                                                              فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع، ويمده حتى يصل حد الراكعين.

                                                                                                                              ثم يشرع في تسبيح الركوع.

                                                                                                                              ويبدأ بالتكبير حين يشرع في الهوي إلى السجود، ويمده حتى يضع جبهته على الأرض.

                                                                                                                              ثم يشرع في تسبيح السجود.

                                                                                                                              ويبدأ في التسميع حين يشرع في الرفع من الركوع، ويمده حتى ينتصب قائما.

                                                                                                                              ثم يشرع في ذكر الاعتدال. وهو: ربنا لك الحمد الخ.

                                                                                                                              [ ص: 315 ] ويشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول، حين يشرع في الانتقال، ويمده حتى ينتصب قائما.

                                                                                                                              قال النووي: هذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافة.

                                                                                                                              ودليل الجمهور ظاهر الحديث.

                                                                                                                              وفيه" أنه يستحب لكل مصل؛ من إمام، ومأموم؛ ومنفرد: أن يجمع بين التسميع والحمد. لأنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعا.

                                                                                                                              وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وبهذا قال الشافعي.

                                                                                                                              وأوضح الكلام في هذه المسألة "الشوكاني" في "شرح المنتقى".

                                                                                                                              وقال: في "السيل الجرار": قد ورد ما يدل على أنه يجمع بينهما كل مصل. والزيادة مقبولة. انتهى.

                                                                                                                              وللسيوطي رسالة في إثبات هذا الجمع. سماها: "دفع التشنيع، عن مسألة التسميع".

                                                                                                                              ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى: (فإذا قضاها وسلم، أقبل على أهل المسجد؛ قال : والذي نفسي بيده! إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                              وفي حديث آخر: (أن أبا هريرة كان يكبر في الصلاة كلما رفع؛ [ ص: 316 ] ووضع. فقلنا: يا أبا هريرة! ما هذا التكبير؟ قال: إنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                              وفي طريق (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ) .

                                                                                                                              وفي هذه الأخبار إشارة، إلى أنه كان هجر استعمال التكبير في الانتقالات.




                                                                                                                              الخدمات العلمية