الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا ذكر وهو راكع، فذكر ابن عبدوس عن سحنون أنه [ ص: 273 ] قال: يرجع فيبتدئ القراءة من أولها، وإن كان قد رفع من الركوع تمادى، واعتد بما يفترض بها أن تجزئه، فإذا سلم أعاد احتياطا. وفي كتاب محمد كذلك .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: أما على القول أنها فرض في كل ركعة فإنه إذا ذكر وهو راكع أو بعد أن رفع رأسه من الركوع أو بعد أن سجد سجدة -فإنه يلغي ذلك كله ويعود إلى القيام والقراءة، وإن ذكر وهو قائم في الثانية- احتسب بها أولى، فإذا أتمها بسجودها لم يجلس; لأنها أولى صلاته ، وإن ذكر وهو قائم في الثالثة- احتسب بها ثانية، ويضيف إلى قراءة أم القرآن سورة، فإذا ركع وسجد جلس; لأنها ثانية، وإن ذكر وهو قائم في الرابعة- احتسب بها ثالثة، وأتى بعد تمامها رابعة ، وسجوده- إذا ذكر وهو في الأولى أو الثانية أو الثالثة وهو قائم فأضاف سورة وجعلها ثانية وجلس وسجد- بعد السلام، وإن ذكر بعد أن رفع من الثالثة فلما أتم السجود جلس أو لم يجلس فذكر في الرابعة- سجد قبل السلام; لأن في صلاته زيادة، وهي الركعة الملغية ، وتقضى السورة وحدها تارة، وتارة الجلوس والسورة، ومثله إذا نسيها من الثانية فذكر وهو في ركوعها أو في سجودها- يلغي ذلك، ويعود إلى القيام، وإن ذكر وهو في الثالثة- جعلها ثانية، وأضاف سورة مع أم القرآن إن كان قائما وسجوده [ ص: 274 ] بعد، وإن ذكر بعد أن رفع- أتمها; لأنه في فرض -وهو الركوع- ولا يرجع منه إلى سنة وهي السورة التي مع أم القرآن، ويجلس ويحتسب بها ثانية، وسجوده قبل.

                                                                                                                                                                                        وإن نسيها في الثالثة وذكر وهو في الرابعة- احتسب بها ثالثة، وأتى بالرابعة، وسجد قبل، وإن نسيها من الرابعة ألغى ما صار إليه من ركوع وسجود وعاد إلى القيام فقرأها وأتم الرابعة، وسجوده إذا نسيها من الثالثة أو الرابعة- بعد.

                                                                                                                                                                                        وأما على القول أنها فرض في جل الصلاة وكان نسيها من أول ركعة فذكر وهو راكع أو بعد أن رفع فإنه يمضي على صلاته; لأنه يأتي بها في الثلاثة الباقية ويسجد وتجزئه، وكذلك إذا نسيها من الثانية أو الثالثة أو الرابعة فذكر بعد أن رفع من الركوع فإنه يتم عليها ويسجد قبل السلام; بمنزلة من سها عن سنة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد: إذا ذكر وهو راكع في أول ركعة أو بعد أن رفع وقبل أن يسجد- فإنه يقطع صلاته بسلام ويبتدئ بإقامة، وإن لم يذكر حتى أتمها بسجدتيها أضاف إليها أخرى وسلم وسجد سجدتي السهو قبل السلام، وإن ذكر وهو في الثالثة أو ركع ولم يرفع من الركوع رجع فسلم من اثنتين وجعلها نافلة وسجد سجدتي السهو ثم سلم، وإن لم يذكر حتى رفع من الثالثة أتمها أربعا وسلم وأعاد.

                                                                                                                                                                                        قال: وإن قرأها في الأولى ونسيها من الثانية فإنه يتم هذه الثانية ويسجد لسهوه ويسلم منها . [ ص: 275 ]

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ : لا أرى أن يقطع إن ذكر وهو راكع في أول ركعة، ولا إذا أتمها ركعتين، ولكنه يمضي حتى يتم صلاته، ويسجد قبل السلام وتجزئه إلا أن يشاء أن يعيد، وإن لم يفعل فصلاته تامة .

                                                                                                                                                                                        فجواب ابن القاسم على أحد قولي مالك المتقدم: أنه ترجح عنده هل هي فرض في كل ركعة أو لا؟ وجواب أصبغ على القول أنها فرض في جل الصلاة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية