الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في من رقم سلعة ثم باعها مرابحة]

                                                                                                                                                                                        ومن اشترى ثوبا بعشرة فرقم عليه اثني عشر، فإن باع على اثني عشر كانت مسألة كذب، وإن باع على العشرة كانت مسألة غش، وكذلك إن باعه مساومة فهي مسألة غش; لأن المشتري إذا رأى الرقم حسب أنه ذو ثمن، وأن البائع له الأول، أو الآخر وضع فيه ذلك غررا وخديعة.

                                                                                                                                                                                        وإن كان في يديه بميراث فرقم عليه بسوم سماه وزعم أنه اشتراه به، ثم باع عليه مرابحة أو مساومة- كانت مسألة غش، وللمشتري أن يرد مع القيام، وإن كره البائع، فإن فاتت كان عليه الأقل من القيمة، أو ما اشتراه به منه.

                                                                                                                                                                                        ويختلف في القيمة متى تكون؟ فعلى القول في المحبوسة بالثمن أنها من البائع تكون القيمة يوم القبض، وعلى القول: إنها من المشتري تكون قيمة يوم البيع، إلا أن يكون المشتري لم ير الرقم، أو رآه ولم يعلم مضمونه; لأنه أمي، أو لأنه ليس بعربي- فلا يكون للمشتري مقال في جميع هذه المسائل الثلاث; لأنه لم يقع بفعله غرر.

                                                                                                                                                                                        وإن اشترى جارية ثم تبين أنها ذاهبة الضرس فرضيه، فإن كان رضاه كراهية الخصومة أو للد من البائع أو لغيبته- لم يبع مرابحة إلا أن يبين العيب، وأنه علمه بعد العقد فرضيه لأجل ذلك، فإن كتم ذهاب الضرس [ ص: 4592 ] كانت مسألة عيب، وإن بينه ولم يبين أنه علمه بعد العقد، وأنه رضيه لأجل ذلك- كانت مسألة غش، وإن كان رضاه رغبة في السلعة ولم يكن نقدا ونقد ولم ينازعه البائع، وقال: هذا ثمنك فخذه أو رد إن شئت; كان له أن يبيع ويبين العيب خاصة.

                                                                                                                                                                                        وكذلك من أخذ سلعة عن دين حال على موسر غير ملد، والطالب ممكن من قبضه، فتركه وأخذ السلعة- كان له أن يبيع على ما أخذها به ولا يبين، وإن كان الغريم ملدا أو معدما أو كان الدين مؤجلا لم يبع إلا أن يبين، فإن لم يبين كانت على القولين: هل هي مسألة غش أو مسألة كذب؟ فيحط قدر ما بين ما يشترى به لو كان الغريم على الصفة الأولى والصفة الثانية، وإن ذهب الضرس بعد العقد كان عليه أن يبين الوجهين جميعا: ذهابه، وأن ذلك كان بعد العقد، فإن كتمه كانت مسألة عيب، وإن بينه ولم يبين حدوثه كانت مسألة كذب. [ ص: 4593 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية