الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن لزمه قضاء صومين وضاق الوقت]

                                                                                                                                                                                        وإذا كان عليه صومان; رمضان وصوم تمتع وهو في شعبان وكان الذي بقي منه محلا لأحد الصومين، صام عن رمضان، وإن كان محلا للصومين كان فيها قولان: فقال في الكتاب: يبدأ بالصوم عن التمتع، وقال أشهب: يبدأ [ ص: 788 ] بأيهما أحب.

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لأن الأوامر على الفور، إلا ما قام الدليل على جواز تأخيره، وقد ورد الدليل على جواز تأخير قضاء رمضان، ولم يرد مثل ذلك في الآخر، فوجب أن يصوم عقيب وصوله؛ لقوله سبحانه: إذا رجعتم [البقرة: 196] وهذا في السبعة، وأما الثلاثة فإن كان في الحج وضاق الوقت وبقي إلى الوقوف ثلاثة أيام، وعليه من رمضان ثلاثة أيام صام عن التمتع; لأن الوقت تعين لها، وهو وقت أداء، وعن رمضان قضاء، وإن كان عليه بقية من الوقت وهو بمكة، وممن يتم الصلاة، كان بالخيار يبدأ بأيهما أحب; لأن الصومين موسع وقتهما، وإن كان أحدهما أداء والآخر قضاء، وإن كان ممن يقصر الصلاة كان الخطاب بصيام التمتع; لأن صوم رمضان وقضاءه في السفر ساقط، وإن لم يصم الثلاثة حتى رجع فالجواب عنها كالجواب المتقدم عن السبعة.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الصومان أحدهما عن ظهار وقد أصاب، والآخر عن رمضان وهو قادر على أن يأتي بهما قبل حلول رمضان الآخر ابتدأ بالظهار على قول مالك; لأنه يحمله فيه على الفور. وقال أشهب في مدونته: يبتدئ بأيهما أحب، وكأنه رأى أن الأمر فيهما سواء على التراخي. [ ص: 789 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية