الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل فيما بار من عروض المدير وفيه الخلاف

                                                                                                                                                                                        اختلف فيما بار من عروض المدير، فقال ابن القاسم: يقوم ذلك. وقال ابن نافع، وسحنون: لا تقويم عليه. وهذا إذا بار أيسر ما في يديه. فرأى ابن القاسم: التقويم لما كانت تبعا، وأجراها على حكم ما لم يبر. ورأى ابن نافع وسحنون: أنها مراعاة في نفسها، وقد خرجت عن الإدارة. ولو بار نصف ما في يديه أو أكثره أو جميعه، لم يقوم قولا واحدا. [ ص: 898 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف في ديونه أيضا، فقال ابن القاسم: يزكيها. وقال المغيرة: لا زكاة عليه في الدين.

                                                                                                                                                                                        ومحمل الخلاف فيما كان من الدين مؤجلا أجلا بعيدا، وهو تبع لما في يديه، فمر ابن القاسم في ذلك على أصله، وأجراه على حكم الأكثر. ورأى المغيرة: أنه مراعى في نفسه لما بذلك عن حكم الإدارة.

                                                                                                                                                                                        ويختلف أيضا فيما أقرضه من مال الإدارة، فقال ابن حبيب: لا زكاة عليه فيما أقرض من ماله. يريد: أنه خرج به عن التجارة. وعلى أصل ابن القاسم: يزكيه إذا كان القرض أقل ماله. وقال مطرف، وابن الماجشون، عن مالك في كتاب ابن حبيب، فيمن كان يبيع العروض بالعروض، ولا ينض له شيء: أنه يقوم ويزكي. وهذا مراعاة لاختلاف الناس فيما ذكرناه قبل في زكاة العروض، مع أنه اجتمع في ذلك أنه مال محرك منمى، وقد جاءت السنة بزكاة الأموال النامية وإن لم تكن عينا كالماشية.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب الزكاة الثاني ذكر زكاة ماشية المدير إذا كانت دون نصاب، أو كانت نصابا وكان يديرها بالبيع قبل مجيء الساعي. [ ص: 899 ]

                                                                                                                                                                                        وأما إن كانت في يديه حوائط للإدارة، وأتى وقت التقويم وفيها ثمار غير مأبورة، أو مأبورة، قومت مع الأصل; لأنها حينئذ ليست بغلة، ولأنها تباع قبل أن تجب فيها زكاة الخرص. وإن كانت وقت التقويم قد طابت، وفيها خمسة أوسق فأكثر- لم تقوم مع الرقاب; لأنها تزكى زكاة الخرص. وإن كانت دون خمسة أوسق، أو كانت خمسة أوسق، وهي من جنس لا تجب فيه الزكاة كالفواكه وما أشبه ذلك، جرت على القولين. فمن قال: إنها لا تكون غلة بالطيب قومت مع الأصل. ومن قال: إنها بالطيب غلة لم تقوم مع الأصل إلا على قول من قال: غلات ما اشتري للتجارة مزكاة كالأصل. [ ص: 900 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية