الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في زكاة ماشية المدير

                                                                                                                                                                                        وإذا كان الرجل يدير ماله في التجار ، وله ماشية يديرها أيضا ، فإن كانت دون نصاب قومها مع ماله . وإن كان لا يديرها وهي للتجارة يرجو فيها حوالة الأسواق ، وإن كانت أقل مما في يديه للإدارة كان في تقويمها قولان : هل تكون تبعا للكثير ، وهو الذي يدار ، أم لا ؟ والصواب ألا تقوم ، وأن يكون كل مال مراعى في نفسه ، وله حكم نفسه لا حكم غيره .

                                                                                                                                                                                        وإن كانت للقنية ليشرب لبنها ، ويستعمل صوفها ، لم تقوم ، ولم يزك ثمنها إن باعها . وإن كانت للغلة ليبيع لبنها وصوفها كان فيها قولان : هل ذلك قنية ، أو تجارة ؟

                                                                                                                                                                                        فمن قال : إن ذلك تجارة ، يختلف هل يقومها المدير أم لا ؟ وإن كانت نصابا وحال عليها الحول من يوم اشتراها لم يقومها وإن كان مديرا ؛ لأنها تزكى زكاة الماشية . فإن باعها قبل أن يأتيه الساعي ، فقال ابن القاسم في كتاب ابن سحنون : تزكى وترد إلى المال الأول .

                                                                                                                                                                                        يريد : مال الإدارة . وينبغي على قوله أن يزكى على الأقل من القيمة [ ص: 1024 ] يوم قوم للإدارة ، أو ما باع به . فإن كانت القيمة يوم قوم أقل لم يزك الزائد ؛ لأنه نما في الحول الثاني ، وإن كانت القيمة أكثر من الثمن لم يلزمه أن يزكي عما حطت القيمة ؛ لأن كل مال تأخرت زكاته بوجه جائز لا يضمن تلك الزكاة إذا ضاع ذلك المال ، وكذلك إذا نقص . ويجري فيها قول آخر : أنه يزكي عن الثمن الذي باع به قليلا كان أو كثيرا ؛ لأنها خرجت من الإدارة لما أقامت حولا ، فيزكي الثمن إذا باع قبل مجيء الساعي ، أو زكاة الغنم ما لم تنقص عن النصاب إذا كان ممن لا ساعي له .

                                                                                                                                                                                        وإذا كانت الغنم في وقت تقويمها للإدارة نصابا ، وهي مما يدار ، ومعلوم أنها لا تبقى عنده حتى يحول عليها الحول ، فإنه يقومها الآن . وإن كانت دون النصاب فقومها ، ثم بارت عليه ، وأقامت حتى حال عليها الحول ، وتمت بولادتها نصابا ، لم يلزمه أن يزكي زكاة الماشية حتى يحول الحول عليها من يوم قوم ؛ لأنه أدى زكاتها بأمر واجب عليه ، وتصير بمنزلة من أفادها يوم قوم ، فلا يلزمه أن يزكي الآن زكاة الماشية حتى يحول الحول من يوم قوم ، فيكون قد زكى مالا واحدا في عام واحد مرتين . [ ص: 1025 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية