الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب جواز العمرة في جميع السنة

                                                                                                                                            1824 - ( عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عمرة رمضان تعدل حجة } رواه الجماعة إلا الترمذي لكنه له من حديث أم معقل ) .

                                                                                                                                            1825 - ( وعن ابن عباس { : أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعا إحداهن في رجب } . رواه الترمذي وصححه ) . [ ص: 358 ]

                                                                                                                                            1826 - ( وعن عائشة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين : عمرة في ذي القعدة ، وعمرة في شوال } . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            1827 - ( وعن علي رضي الله عنه قال : في كل شهر عمرة . رواه الشافعي )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث أم معقل أخرجه أيضا النسائي من طريق معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن { امرأة من بني أسد يقال لها : أم معقل قالت : أردت الحج فاعتل بعيري ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اعتمري في شهر رمضان ، فإن عمرة في رمضان تعدل حجة } وقد اختلف في إسناده ، فرواه مالك عن سمي عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال : " جاءت امرأة " فذكره مرسلا . ورواه النسائي أيضا من طريق عمارة بن عمير وغيره عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي معقل . ورواه أبو داود من طريق إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن رسول مروان عن أم معقل . ويجمع بين الروايتين بتعدد الواقعة . وأما حديث ابن عباس فقد قدمنا في باب المواقيت ما يخالفه . وحديث عائشة سكت عنه أبو داود ، ورجال إسناده رجال الصحيح . وحديث علي أخرجه البيهقي من طريق الشافعي بإسناد صحيح .

                                                                                                                                            قوله : ( تعدل حجة ) فيه دليل على أن العمرة في رمضان تعدل حجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع ، على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أن معنى هذا الحديث نظير ما جاء أن " { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن " وقال ابن العربي : حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة ، فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها

                                                                                                                                            وقال ابن الجوزي : فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص المقصد قوله : ( اعتمر أربعا ) قد تقدم الكلام في عدد عمره صلى الله عليه وسلم والاختلاف في ذلك ، وقد وقع خلاف ، هل الأفضل العمرة في رمضان لهذا الحديث أو في شهر الحج ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا فيها ، فقيل : إن العمرة في رمضان لغير النبي أفضل ، وأما في حقه فما صنعه فهو أفضل لأنه فعله للرد على أهل الجاهلية الذين كانوا يمنعون من الاعتمار في أشهر الحج . وأحاديث الباب وما ورد في معناها مما تقدم تدل على مشروعية العمرة في أشهر الحج ، وإليه ذهب الجمهور وذهبت الهادوية إلى أن العمرة في أشهر الحج مكروهة ، وعللوا ذلك بأنها تشغل عن الحج في وقته ، وهذا من الغرائب التي يتعجب الناظر منها ، فإن الشارع صلى الله عليه وسلم إنما جعل عمره كلها في أشهر الحج لإبطال ما كانت عليه الجاهلية من منع الاعتمار فيها كما عرفت ، فما الذي سوغ مخالفة هذه الأدلة الصحيحة والبراهين الصريحة ، وألجأ إلى مخالفة الشارع وموافقة ما كانت [ ص: 359 ] عليه الجاهلية ومجرد كونها تشغل عن أعمال الحج لا يصلح مانعا ولا يحسن نصبه في مقابلة الأدلة الصحيحة ، وكيف يجعل مانعا وقد اشتغل بها المصطفى في أيام الحج وأمر غيره بالاشتغال بها فيها ، ثم أي شغل لمن لم يرد الحج أو أراده وقدم مكة من أول شوال ، لا جرم من لم يشتغل بعلم السنة المطهرة حق الاشتغال يقع في مثل هذه المضايق التي هي السم القتال والداء العضال . وحكي في البحر عن الهادي أنه تكره في أيام التشريق . قال أبو يوسف : ويوم النحر ، قال أبو حنيفة : ويوم عرفة




                                                                                                                                            الخدمات العلمية