الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=27215_25488باب ما جاء في فضل طهور المرأة [ ص: 41 ]
9 - ( عن الحكم بن عمرو الغفاري { nindex.php?page=hadith&LINKID=38042أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة } . رواه الخمسة إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي قالا : وضوء المرأة .
وقال الترمذي هذا حديث حسن ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، وقد روى بعده حديثا آخر : الصحيح الأول ، يعني حديث الحكم ) .
الحديث صححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان أيضا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في سننه الكبرى : قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حديث الحكم ليس بصحيح . وقال النووي : اتفق الحفاظ على تضعيفه قال ابن حجر في الفتح وقد أغرب النووي بذلك ، وله شاهد عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38204نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن nindex.php?page=treesubj&link=27215_25488تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعا } قال الحافظ في الفتح : رجاله ثقات ولم أقف لمن أعله على حجة قوية ، ودعوى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أنه في معنى المرسل مردودة لأن إبهام الصحابي لا يضر وقد صرح التابعي بأنه لقيه . ودعوى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أن nindex.php?page=showalam&ids=15854داود الذي رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=15770حميد بن عبد الرحمن الحميري - هو ابن يزيد الأودي - وهو ضعيف مردودة ، فإنه ابن عبد الله الأودي وهو ثقة ، وقد صرح باسم أبيه أبو داود وغيره ، وصرح الحافظ أيضا في بلوغ المرام بأن إسناده صحيح .
والحديث يدل على أنه لا يجوز للرجل أن يتوضأ بفضل وضوء المرأة ، وقد ذهب إلى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس الصحابي ونسبه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم إلى الحكم بن عمرو راوي الحديث وجويرية أم المؤمنين وأم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، وهو أيضا قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق لكن قيداه بما إذا خلت به .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر والشعبي والأوزاعي المنع لكن مقيدا بما إذا كانت المرأة حائضا . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل وضوء المرأة وفي جوازه مضطربة ، لكن قال : صح عن عدة من الصحابة المنع فيما إذا خلت به ، وعورض بأن الجواز أيضا نقل عن عدة من الصحابة منهم : nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، واستدلوا بما سيأتي من الأدلة .
وقد جمع بين الأحاديث بحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء لكونه قد صار مستعملا ، والجواز على ما بقي من الماء ، وبذلك جمع nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وأحسن منه ما جمع به الحافظ في [ ص: 42 ] الفتح من حمل النهي على التنزيه بقرينة أحاديث الجواز الآتية .
10 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=44051أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة } ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ) .
11 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=16989توضأ بفضل غسلها من الجنابة } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ) .
12 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13630اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضأ منها أو يغتسل ، فقالت له : يا رسول الله إني كنت جنبا ، فقال : إن الماء لا يجنب } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي والترمذي ، وقال حديث حسن صحيح ) . حديثه الأول مع كونه في صحيح مسلم قد أعله قوم بتردد وقع في رواية عمرو بن دينار حيث قال : وعلمي والذي يخطر على بالي أن nindex.php?page=showalam&ids=11866أبا الشعثاء أخبرني فذكر الحديث .
وقد ورد من طريق أخرى بلا تردد . وأعل أيضا بعدم ضبط الراوي ومخالفته والمحفوظ ما أخرجه الشيخان بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=44057إن النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد } وحديثه الآخر أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة وغيره ، كذا قال الحافظ في الفتح . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني قد أعله قوم nindex.php?page=showalam&ids=16052بسماك بن حرب راويه عن عكرمة ; لأنه كان يقبل التلقين ، لكن قد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم . قوله : ( لا يجنب ) في نسخة بفتح الياء التحتية وفي أخرى بضمها ، فالأولى من جنب بضم النون وفتحها ، والثانية من أجنب .
قال في القاموس : وقد أجنب وجنب وجنب واستجنب وهو جنب يستوي للواحد والجمع ا هـ . وظاهر حديثي nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وميمونة معارض لحديث الحكم السابق ، وحديث الرجل الذي من الصحابة فيتعين الجمع بما سلف . لا يقال : إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يعارض قوله الخاص بالأمة ; لأنا نقول : إن تعليله الجواز بأن الماء لا يجنب مشعر بعدم اختصاص ذلك به .
وأيضا النهي غير مختص بالأمة ; لأن صيغة الرجل تشمله صلى الله عليه وسلم بطريق الظهور ، وقد تقرر دخول المخاطب في خطاب نفسه ، نعم ، لو لم يرد ذلك التعليل كان فعله صلى الله عليه وسلم مخصصا له من عموم الحديثين السابقين . وقد نقل النووي الاتفاق [ ص: 43 ] على جواز nindex.php?page=treesubj&link=27215_25488وضوء المرأة بفضل الرجل دون العكس ، وتعقبه الحافظ بأن nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قد أثبت فيه الخلاف . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف - رحمه الله تعالى - : قلت : وأكثر أهل العلم على الرخصة للرجل من فضل طهور المرأة والإخبار بذلك أصح ، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق إذا خلت به ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس ، وحملوا حديث ميمونة على أنها لم تخل به جمعا بينه وبين حديث الحكم .
فأما nindex.php?page=treesubj&link=27215_267_25488غسل الرجل والمرأة ووضوءهما جميعا فلا اختلاف فيه . قالت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29188كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة } متفق عليه .
وعن { nindex.php?page=hadith&LINKID=52998nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة } متفق عليه .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28495من إناء واحد نغترف منه جميعا } . nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29188من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول : دع لي ، دع لي } .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي { nindex.php?page=hadith&LINKID=1289من إناء واحد يبادرني وأبادره حتى يقول : دعي لي وأنا أقول : دع لي } ا هـ .
وقد وافق nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف في نقل الاتفاق على جواز nindex.php?page=treesubj&link=27215_25488اغتسال الرجل والمرأة من الإناء الواحد جميعا nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=14979والقرطبي والنووي ، وفيه نظر لما حكاه أبو المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه كان ينهى عنه ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن قوم . ومن جملة ما يدل على جواز الاغتسال والوضوء للرجل والمرأة من الإناء الواحد جميعا ما أخرج أبو داود من حديث أم صبية الجهنية قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=13243اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد } ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27278كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال مسدد : من الإناء الواحد جميعا قال في الفتح : ظاهره أنهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحدة .
وحكى ابن التين عن قوم أن معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضئون جميعا في موضع واحد هؤلاء على حدة وهؤلاء على حدة ، والزيادة المتقدمة في قوله : من إناء واحد ، ترد عليه . وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب . وقد أجاب ابن التين عنه بما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أن معناه كان الرجال يتوضئون ويذهبون ، ثم يأتي النساء وهو خلاف الظاهر ; لأن قوله : جميعا ، معناه ضد المفترق كما قال أهل اللغة . وقد وقع مصرحا بوجود الإناء في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في هذا الحديث من طريق معتمر عن عبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه { أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون ، والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهرون منه } والأولى في الجواب أن يقال : لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب ، وأما بعده فيختص بالمحارم والزوجات .