الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=24079_267 [ ص: 305 ] باب صفة الغسل .
329 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة { nindex.php?page=hadith&LINKID=9649أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حثيات ، ثم أفاض على سائر جسده ، ثم غسل رجليه } . أخرجاه .
وفي رواية لهما : ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ) .
قوله : ( إذا اغتسل ) أي أراد ذلك . وفي الفتح أي شرع في الفعل . قوله : ( وضوءه للصلاة ) فيه احتراز عن الوضوء اللغوي ، قال الحافظ : يحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد ، ويحتمل أن يكتفي بغسلها في الوضوء عن إعادته وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول عضو ، وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى ، وإلى هذا جنح الداودي شارح المختصر ، ونقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل وهو مردود ، فقد ذهب جماعة منهم nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث وهو قول أكثر العترة ، وإلى القول الأول أعني عدم وجوب الوضوء مع الغسل ودخول الطهارة الصغرى تحت الكبرى ، ذهب nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي ، ولا شك في مشروعية الوضوء مقدما على الغسل كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة .
وأما الوجوب فلم يدل عليه دليل ، والفعل بمجرده لا ينتهض للوجوب ، نعم يمكن تأييد القول الثاني بالأدلة القاضية بوجوب الوضوء . قوله : ( في أصول الشعر ) أي شعر رأسه ويدل عليه رواية nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن هشام عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ( يخلل بها شق رأسه الأيمن ) ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : احتج به بعضهم على nindex.php?page=treesubj&link=272تخليل شعر اللحية في الغسل إما لعموم قوله أصول الشعر وإما بالقياس على شعر الرأس . قوله : ( ثلاث حثيات ) فيه استحباب nindex.php?page=treesubj&link=278_276التثليث في الغسل .
قال النووي : ولا نعلم فيه خلافا إلا ما انفرد به الماوردي فإنه قال : لا يستحب التكرار في الغسل . قال الحافظ : وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13272الشيخ أبو علي السنجي وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي ، وحمل التثليث في هذه الرواية على أن كل غرفة في جهة من جهات الرأس . قوله : ( ثم غسل رجليه ) يدل على أن الوضوء الأول وقع بدون غسل الرجلين . قال الحافظ : وهذه الزيادة [ ص: 306 ] تفرد بها nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية دون أصحاب هشام . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : عربية صحيحة لكن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية عن هشام مقال ، نعم له شاهد من رواية nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي وفيه : ( فإذا أفرغ غسل رجليه ) ويحتمل أن يكون قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية ( ثم غسل رجليه ) أي أعاد غسلهما لاستيعاب الغسل بعد أن كان غسلهما في الوضوء . وقد وقع التصريح بتأخير الرجلين في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري بلفظ : ( وضوءه للصلاة غير رجليه ) وهو مخالف لظاهر رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . قال الحافظ : ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على المجاز وإما بحملها على حالة أخرى ،
وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف أنظار العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب nindex.php?page=treesubj&link=24079_267تأخير غسل الرجلين في الغسل ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم ، وعند الشافعية في الأفضل قولان . قال النووي : أصحهما وأشهرهما ومختارهما أن يكمل وضوءه . قال : لأن أكثر الروايات عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وميمونة كذلك .
قوله : ( ثم أفاض ) الإفاضة : الإسالة . وقد استدل بذلك على عدم وجوب الدلك وعلى أن مسمى ( غسل ) لا يدخل فيه الدلك ; لأن ميمونة عبرت بالغسل وعبرت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بالإفاضة والمعنى واحد . والإفاضة لا دلك فيها فكذلك الغسل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري لا يتم الاستدلال بذلك ; لأن أفاض بمعنى غسل ، والخلاف قائم ، وقد قدمنا الكلام على ذلك في باب إيجاب الغسل من التقاء الختانين . قال الحافظ : قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : لم يأت في شيء من الروايات في وضوء الغسل ذكر التكرار ، وقد ورد ذلك من طريق صحيحة أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها ( أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة ) الحديث .
وفيه : ( ثم يمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا ويغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثم يفيض على رأسه ثلاثا ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه اللهبعد أن ساق الحديث : وهو دليل على أن غلبة الظن في وصول الماء إلى ما يجب غسله كاليقين انتهى .