الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=647_621_627_626_670_678باب من تحيض ستا أو سبعا لفقد العادة والتمييز
373 - ( عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=18195حمنة بنت جحش قالت كنت أستحاض حيضة شديدة كثيرة ، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره ، فوجدته في بيت أختي nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش قالت : قلت يا رسول الله إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصيام ، فقال : أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم ، قالت : هو أكثر من ذلك ، قال : فاتخذي ثوبا ، قالت : هو أكثر من ذلك ، قال : فتلجمي ، قالت : إنما أثج ثجا ، فقال : سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر ، فإن قويت عليهما فأنت أعلم ، فقال لها : إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله ، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت [ ص: 338 ] واستنقيت فصلي أربعا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها ، فصومي فإن ذلك مجزيك ، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن ; وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين ثم تصلين الظهر والعصر جميعا ، ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي ، وتغتسلين مع الفجر وتصلين ، فكذلك فافعلي وصلي وصومي إن قدرت على ذلك ; وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذا أعجب الأمرين إلي } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد والترمذي وصححاه ) .
الحديث أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، ونقل الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تحسينه ، وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : تفرد به وهو مختلف في الاحتجاج به . وقال ابن منده : لا يصح بوجه من الوجوه ; لأنهم أجمعوا على ترك حديث nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل وتعقبه ابن دقيق العيد ، واستنكر منه هذا الإطلاق ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل لم يقع الإجماع على ترك حديثه فقد كان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون به ، وقد حمل على أن مراد ابن منده بالإجماع إجماع من خرج الصحيح وهو كذلك . قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فوهنه ولم يقو إسناده .
وقال الترمذي في كتاب العلل : إنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن هذا الحديث فقال : هو حديث حسن إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=12386إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم لا أدري سمع منه nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل أم لا ؟ . وهذه علة للحديث أخرى . ويجاب على nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأن nindex.php?page=showalam&ids=12386إبراهيم بن محمد بن طلحة مات سنة عشر ومائة فيما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=15835وخليفة بن خياط وهو تابعي سمع nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=3وأبا هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ، nindex.php?page=showalam&ids=13371وابن عقيل سمع nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=10718والربيع بنت معوذ ، فكيف ينكر سماعه من nindex.php?page=showalam&ids=12386إبراهيم بن محمد بن طلحة لقدمه ؟ وأين nindex.php?page=showalam&ids=13321ابن طلحة من هؤلاء في القدم وهم نظراء شيوخه في الصحبة وقريب منهم في الطبقة ، فينظر في صحة هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قد ترك العلماء القول بهذا الحديث . وأما nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فإنه رد هذا الحديث بأنواع من الرد ، ولم يعلله nindex.php?page=showalam&ids=13371بابن عقيل بل علله بالانقطاع بين nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=13371وابن عقيل ، وزعم أن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج لم يسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل وبينهما النعمان بن راشد ، قال : وهو ضعيف ; ورواه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل شريك nindex.php?page=showalam&ids=15930وزهير بن محمد وكلاهما ضعيف .
وقال أيضا : عمر بن طلحة الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12386إبراهيم بن محمد بن طلحة عنه غير مخلوق لا يعرف nindex.php?page=showalam&ids=55لطلحة ابن اسمه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ; وقد رد ابن سيد الناس ما قاله ، قال : أما الانقطاع بين nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=13371وابن عقيل فقد روي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15930زهير بن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل ; وأما تضعيفه لزهير هذا فقد أخرج له الشيخان محتجين به في صحيحيهما .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : مستقيم الحديث . [ ص: 339 ] وقال أبو حاتم : محله الصدق وفي حفظه شيء وحديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه الصغير ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير ، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح . وقال عثمان الدارمي : ثقة صدوق وله أغاليط . وقال يحيى : ثقة . وقال ابن عدي : وأهل الشام حيث رووا عنه أخطئوا عليه ; وأما حديثه ههنا فمن رواية nindex.php?page=showalam&ids=14797أبي عامر العقدي عنه وهو بصري ، فهذا من حديث أهل العراق .
وأما عمر بن طلحة الذي ذكره فلم يسق الحديث من طريقه بل من طريق عمران بن طلحة ، وقد نبه الترمذي على أنه لم يقل nindex.php?page=showalam&ids=2 : عمر في هذا الإسناد أحد من الرواة إلا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وإن غيره يقول : عمران وهو الصواب . وأما شريك الذي ضعفه أيضا فرواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل من طريقه ، وشريك مخرج له في الصحيح .
ومن جملة علل الحديث ما نقله أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه قال : إن في الباب حديثين ، وثالثا في النفس منه شيء ، ثم فسر أبو داود الثالث بأنه حديث حمنة ; ويجاب عن ذلك بأن الترمذي قد نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد تصحيحه نصا ، وهو أولى مما ذكره أبو داود ; لأنه لم ينقل التعيين عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إنما هو شيء وقع له ففسر به كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وعلى فرض أنه من كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيمكن أن يكون قد كان في نفسه من الحديث شيء ثم ظهرت له صحته .
قوله : ( أنعت لك الكرسف ) أي أصف لك القطن .
قوله : ( فتلجمي ) قال في الصحاح والقاموس : اللجام ما تشد به الحائض . قال nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل : معناه افعلي فعلا يمنع سيلان الدم واسترساله كما يمنع اللجام استرسال الدابة . وأما الاستثفار : فهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة توثق طرفيها في حقب تشده في وسطها بعد أن تحتشي كرسفا فيمنع ذلك الدم . وقولها ( إنما أثج ثجا ) الثج : السيلان وقد استعمل في الحلب في الإناء ، يقال : حلب فيه ثجا ، واستعمل مجازا في الكلام ، يقال للمتكلم مثجاج بكسر الميم .
قوله : ( ركضة من ركضات الشيطان ) أصل الركض الضرب بالرجل والإصابة بها ، وكأنه أراد الإضرار بالمرأة والأذى بمعنى أن الشيطان وجد بذلك سبيلا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها بذلك عادتها ، فصار في التقدير كأنه ركض بآلة . قوله : ( فتحيضي ) بفتح التاء الفوقية والحاء المهملة والياء المشددة : أي اجعلي نفسك حائضا . والحديث استدل به من قال : إنها nindex.php?page=treesubj&link=26526_680_620_645ترجع المستحاضة إلى الغالب من عادة النساء ولكنه كما عرفت مداره على nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل وليس بحجة ، ولو كان لأمكن الجمع بينه وبين الأحاديث القاضية بالرجوع إلى عادة النفس ، والقاضية بالرجوع إلى التمييز بصفات الدم ، وذلك بأن يحمل هذا الحديث على عدم معرفتها لعادتها وعدم إمكان التمييز بصفات الدم .
واستدل به من قال : إنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، روى ذلك عنهم ابن سيد الناس في شرح الترمذي : قال [ ص: 340 ] ابن العربي والحديث في ذلك صحيح فينبغي أن يكون مستحبا . انتهى . وعلى فرض صحة الحديث فهذا جمع حسن ; لأنه صلى الله عليه وسلم علق الغسل بقوتها فيكون ذلك قرينة دالة على عدم الوجوب ، وكذا قوله في الحديث : ( أيهما فعلت أجزأ عنك ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف - رحمه الله - : فيه أن الغسل لكل صلاة لا يجب بل يجزئها الغسل لحيضها الذي تجلسه ، وأن الجمع للمرض جائز ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=680_670_678جمع الفريضتين لها بطهارة واحدة جائز ، وأن تعيين العدد من الستة والسبعة باجتهادها لا بتشبيهها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( حتى إذا رأيت أن قد طهرت واستنقيت ) . انتهى .