الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب أمر الصبي بالصلاة تمرينا لا وجوبا

                                                                                                                                            415 - ( عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { مروا صبيانكم بالصلاة لسبع سنين ، واضربوهم عليها لعشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع } رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه الحاكم من حديثه أيضا والترمذي والدارقطني من حديث عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه عن جده بنحوه ولم يذكر التفرقة .

                                                                                                                                            وفي الباب عن أبي رافع عند البزار بلفظ قال { وجدنا في صحيفة في قراب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فيها مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم وفرقوا بين الغلمان والجواري والإخوة والأخوات لسبع سنين ، واضربوا أبناءكم على الصلاة إذا بلغوا أظنه تسع سنين } . وعن معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني أنه قال لامرأته .

                                                                                                                                            وفي رواية لامرأة : { متى يصلي الصبي ؟ فقالت : كان رجل منا يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة } أخرجه أبو داود . قال ابن القطان : لا نعرف هذه المرأة ولا الرجل الذي روت عنه . وقد رواه الطبراني من هذا الوجه فقال : عن أبي معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه به ، قال ابن صاعد : إسناده حسن غريب .

                                                                                                                                            وفي الباب عن أبي هريرة رواه العقيلي وأنس عند الطبراني بلفظ : { مروهم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لثلاث عشرة } وفي إسناده داود بن المحبر وهو متروك ، وقد تفرد به

                                                                                                                                            والحديث يدل على وجوب أمر الصبيان بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين وضربهم عليها إذا بلغوا عشرا والتفريق بينهم لعشر سنين إذا جعل التفريق معطوفا على قوله : واضربوهم أو لسبع سنين إذا جعل معطوفا على قوله : " مروهم " . ويؤيد هذا الوجه حديث أبي رافع المذكور . وقد ذهبت الهادوية إلى وجوب إجبار ابن العشر على الولي وشرط الصلاة الذي لا تتم إلا به حكمه حكمها ولا فرق بين الذكر والأنثى والزوجة وغيرها . وقال في الوافي والمؤيد بالله في أحد قوليه : إن ذلك مستحب فقط ، وحملوا الأمر على الندب ولكنه إن صح ذلك في قوله : مروهم لم يصح في قوله : واضربوهم ; لأن الضرب إيلام للغير . وهو لا يباح للأمر المندوب ، والاعتراض بأن عدم تكليف الصبي يمنع من حمل الأمر على حقيقته ; لأن الإجبار إنما يكون على فعل واجب أو ترك محرم ، وليست الصلاة بواجبة على الصبي ، ولا تركها محظورا عليه ، مدفوع بأن [ ص: 370 ] ذلك إنما يلزم لو اتحد المحل وهو هنا مختلف ، فإن محل الوجوب الولي ومحل عدمه ابن العشر ، ولا يلزم من عدم الوجوب على الصغير عدمه على الولي .

                                                                                                                                            416 - ( وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل } . رواه أحمد ومثله من رواية علي له . ولأبي داود والترمذي وقال : حديث حسن ) . الحديث أخرجه أيضا النسائي وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث عائشة ، قال يحيى بن معين : ليس يرويه إلا حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان يعني عن إبراهيم عن الأسود عنها . وأخرجه أيضا النسائي والدارقطني والحاكم وابن حبان وابن خزيمة من حديث علي عليه السلام قال البيهقي : تفرد برفعه جرير بن حازم ، قال الدارقطني في العلل : وتفرد به عن جرير عبد الله بن وهب ، وخالفه ابن فضيل ووكيع فروياه عن الأعمش موقوفا ، ورواه عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي عليه السلام وعمر مرفوعا قال الحافظ : وقول ابن فضيل ووكيع أشبه بالصواب . ورواه أبو داود من حديث أبي الضحى عن علي رضي الله عنه ولكن قال أبو زرعة : حديثه عن علي عليه السلام مرسل . ورواه ابن ماجه من حديث القاسم بن يزيد عن علي عليه السلام وهو مرسل أيضا كما قال أبو زرعة . ورواه الترمذي من حديث الحسن البصري عن علي قال أبو زرعة : لم يسمع الحسن من علي شيئا وروى الطبراني من طريق برد بن سنان عن مكحول عن أبي إدريس الخولاني قال : أخبرني غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثوبان ومالك بن شداد وغيرهما فذكر نحوه . قال الحافظ : وفي إسناده مقال ، وبرد مختلف فيه .

                                                                                                                                            وروي أيضا من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : وإسناده ضعيف . والحديث يدل على عدم تكليف الصبي والمجنون والنائم ما داموا متصفين بتلك الأوصاف . قال ابن حجر في التلخيص حاكيا عن ابن حبان : إن الرفع مجاز عن عدم التكليف ; لأنه يكتب له فعل الخير انتهى .

                                                                                                                                            وهذا في الصبي ظاهر وأما في المجنون فلا تتصف أفعاله بخير ولا شر إذ لا قصد له ، والموجود منه من صور الأفعال لا حكم له شرعا ، وأما في النائم ففيه بعد ; لأن قصده منتف أيضا فلا حكم لما صدر منه من الأفعال حال نومه . وللناس كلام في تكليف الصبي بجميع الأحكام أو ببعضها ليس هذا محل بسطه وكذلك النائم . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية