الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=1403_1710 [ ص: 29 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29316كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة أو يؤخرون الصلاة عن وقتها ؟ ، قلت : فما تأمرني ؟ قال : صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة } وفي رواية : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23602فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل } ، وفي أخرى { nindex.php?page=hadith&LINKID=23592فإن أدركتك - يعني الصلاة - معهم فصل ولا تقل : إني قد صليت فلا أصلي } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ) .
قوله : ( يميتون الصلاة ) أي يؤخرونها فيجعلونها كالميت الذي خرجت روحه والمراد بتأخيرها عن وقتها المختار لا عن جميع وقتها فإن المنقول عن الأمراء المتقدمين والمتأخرين إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار ولم يؤخرها أحد منهم عن جميع وقتها فوجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع . قوله : ( فإن أدركتها ) . . . إلخ معناه صل في أول الوقت وتصرف في شغلك فإن صادفتهم بعد ذلك وقد صلوا أجزأتك صلاتك ، وإن أدركت الصلاة معهم فصل معهم وتكون هذه الثانية لك نافلة .
الحديث يدل على مشروعية nindex.php?page=treesubj&link=1648_24589الصلاة لوقتها وترك الاقتداء بالأمراء إذا أخروها عن أول وقتها ، وأن المؤتم يصليها منفردا ثم يصليها مع الإمام فيجمع بين فضيلة أول الوقت وطاعة الأمير . ويدل على وجوب nindex.php?page=treesubj&link=7701طاعة الأمراء في غير معصية لئلا تتفرق الكلمة وتقع الفتنة ولهذا ورد في الرواية الأخرى : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11750إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف } .
قوله : ( فإنها لك نافلة ) صريح في أن الفريضة الأولى والنافلة الثانية . وقد اختلف في nindex.php?page=treesubj&link=1647الصلاة التي تصلى مرتين هل الفريضة الأولى أو الثانية ، فذهب الهادي والأوزاعي وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أن الفريضة الثانية إن كانت في جماعة والأولى في غير جماعة ، وذهب المؤيد بالله والإمام يحيى nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أن الفريضة الأولى ، وعن بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الفرض أكملهما . وعن بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا أن الفرض أحدهما على الإبهام فيحتسب الله بأيتهما شاء . وعن الشعبي وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا كلاهما فريضة
احتج الأولون بحديث يزيد بن عامر عند أبي داود مرفوعا وفيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23484فإذا جئت الصلاة فوجدت الناس يصلون فصل معهم وإن كنت صليت ولتكن لك نافلة } وهذه مكتوبة ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=73225وليجعل التي صلى في بيته نافلة } وأجيب بأنها رواية شاذة مخالفة لرواية الحفاظ والثقات كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وقد ضعفها النووي وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : هي رواية ضعيفة شاذة .
واستدل القائلون بأن الفريضة هي الأولى سواء كانت جماعة أو فرادى بحديث يزيد بن الأسود عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبي داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم [ ص: 30 ] وصححه nindex.php?page=showalam&ids=12757ابن السكن بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20627شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه الصبح في مسجد الخيف فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه فقال : علي بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما ، قال : ما منعكما أن تصليا معنا ؟ فقالا : يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا ، قال : فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكم ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة } قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم : إسناده مجهول ; لأن يزيد بن أسود ليس له راو غير ابنه ولا لابنه nindex.php?page=showalam&ids=36جابر راو غير يعلى .
قال الحافظ : يعلى من رجال nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=36، وجابر وثقه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره ، وقال : وقد وجدنا nindex.php?page=showalam&ids=36لجابر راويا غير يعلى ، أخرجه ابن منده في المعرفة .
ومن حجج أهل القول الثاني حديث الباب فإنه صريح في المطلوب ولأن تأدية الثانية بنية الفريضة يستلزم أن يصلي في يوم مرتين ، وقد ورد النهي عنه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30354لا تصلوا صلاة في يوم مرتين } عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان . وأما جعله مخصصا بما يحدث فيه فضيلة فدعوى عاطلة عن البرهان ، وكذا حمله على التكرير لغير عذر .
وفي الحديث دليل على أنه لا بأس بإعادة الصبح والعصر وسائر الصلوات ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الأمر بالإعادة ولم يفرق بين صلاة وصلاة فيكون مخصصا لحديث { لا صلاة بعد العصر وبعد الفجر } ولأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجه أنه لا يعيد الصبح والعصر تمسكا بعموم حديث : " لا صلاة " ووجه أنه لا يعيد بعد المغرب لئلا تصير شفعا .
قال النووي : وهو ضعيف . قلت : وكذلك الوجه الأول ; لأن الخاص مقدم على العام وهم يوجبون بناء العام على الخاص مطلقا كما تقرر في الأصول لهم ، واحتج من قال بأنهما فريضة بعدم المخصص بالاعتداد بأحدهما ورد بحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30936لا ظهران في يوم } وحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30362لا تصلي صلاة في يوم مرتين } .
477 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=15506ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها فصلوا الصلاة لوقتها ، فقال رجل : يا رسول الله أصلي معهم ؟ فقال : نعم إن شئت } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بنحوه ، وفي لفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20844واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا } ) . الحديث رجال إسناده في سنن أبي داود ثقات ، وقد أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وسكت أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=16383والمنذري عن الكلام عليه ، وقد عرفت ما أسلفناه عن ابن الصلاح والنووي وغيرهما من صلاحية ما سكت عنه أبو داود للاحتجاج . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر الذي قبله يشهد لصحته وفيه دليل على وجوب nindex.php?page=treesubj&link=24589_28132تأدية الصلاة لوقتها وترك ما عليه أمراء الجور من التأخير [ ص: 31 ] وعلى استحباب الصلاة معهم ; لأن الترك من دواعي الفرقة ، وعدم الوجوب لقوله في هذا الحديث : " إن شئت وقوله تطوعا " وقد تقدم الكلام على فقه الحديث ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله تعالى: وفيه دليل لمن رأى المعادة نافلة ، ولمن لم يكفر تارك الصلاة ، ولمن أجاز إمامة الفاسق انتهى .
استنبط المؤلف من هذا الحديث والذي . قبله ثلاثة أحكام ، وقد تقدم الكلام على الأول منها في شرح حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر وعلى الثاني في أول كتاب الصلاة .
وأما الثالث فلعله يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في الجماعة ، والحق جواز nindex.php?page=treesubj&link=1403_1710الائتمام بالفاسق ; لأن الأحاديث الدالة على المنع كحديث : { لا يؤمنكم ذو جراءة في دينه } وحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31187لا يؤمن فاجر مؤمنا } ونحوهما ضعيفة لا تقوم بها حجة وكذلك الأحاديث الدالة على جواز الائتمام بالفاسق كحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20846صلوا وراء من قال لا إله إلا الله } وحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20845صلوا خلف كل بر وفاجر } ونحوهما ضعيفة أيضا ولكنها متأيدة بما هو الأصل الأصيل وهو أن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره فلا ننتقل عن هذا الأصل إلى غيره إلا لدليل ناهض وقد جمعنا في هذا البحث رسالة مستقلة وليس المقام مقام بسط الكلام في ذلك .