الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 188 ] وعن عباد بن تميم عن عمه أنه { رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى } . متفق عليه ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( واضعا إحدى رجليه على الأخرى ) قال الخطابي : فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو عورته ، والجواز حيث يؤمن من ذلك . قال الحافظ : الثاني أولى من ادعاء النسخ لأنه لا يثبت بالاحتمال . وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحدثين ، وجزم ابن بطال ومن تبعه بأنه منسوخ . ويمكن أن يقال إن النهي عن وضع إحدى الرجلين على الأخرى الثابت في مسلم وسنن أبي داود عام ، وفعله صلى الله عليه وسلم لذلك مقصور عليه فلا يؤخذ من ذلك الجواز لغيره ، صرح بذلك المازري قال : لكن لما صح أن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك دل على أنه ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم بل هو جائز مطلقا . فإذا تقرر هذا صار بين الحديثين تعارض ، فيجمع بينهما ، ثم ذكر نحو ما ذكره الخطابي . قال الحافظ : وفي قوله فلا يؤخذ منه الجواز نظر لأن الخصائص ، لا تثبت بالاحتمال ، والظاهر أن فعله كان لبيان الجواز ، والظاهر على ما تقتضيه القواعد الأصولية ما قاله المازري من قصر الجواز عليه صلى الله عليه وسلم ، إلا أن قوله : لكن ما صح أن عمر وعثمان . . . إلخ لا يدل على الجواز مطلقا كما قال لاحتمال أنهما فعلا ذلك لعدم بلوغ النهي إليهما . والحديث يدل على جواز الاستلقاء في المسجد على تلك الهيئة وعلى غيرها لعدم الفارق .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية