الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=1880باب من شك في صلاته
1019 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10176إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدة صلى أم اثنتين فليجعلها واحدة ، وإذا لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثا فليجعلها ثنتين ، وإذا لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا فليجعلها ثلاثا ، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه والترمذي وصححه .
وفي رواية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { nindex.php?page=hadith&LINKID=36714 : من صلى صلاة يشك في النقصان فليصل حتى يشك في الزيادة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) .
الحديث معلول لأنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن مكحول عن nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن عبد الرحمن . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في المسند عن ابن علية عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن مكحول . قال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : فلقيت ابن عبد الله فقال لي : هل أسنده لك ؟ قلت : لا ، فقال : لكنه حدثني أن nindex.php?page=showalam&ids=16845كريبا حدثه به وحسين ضعيف جدا . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه والهيثم بن كليب ، في مسنديهما من طريق الزهري عبد الله بن عبد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مختصرا ، وفي إسنادهما إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف ، وتابعه ابن كثير السقاء فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في العلل . وقد رواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل محمد بن يزيد عن ابن مسلم عن الزهري ، وإسماعيل بن مسلم ضعيف كما مر . والزيادة التي رواها المصنف رحمه اللهعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أخرج نحوها nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، ولفظه : " ثم ليتم ما بقي من صلاته " حتى يكون الوهم في الزيادة ، وفي الباب غير ما ذكره المصنف عن عثمان عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وفيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36726من صلى فلم يدر أشفع أم أوتر فليسجد سجدتين فإنهما إتمام صلاته } قال [ ص: 137 ] العراقي : ورجاله ثقات إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=17350يزيد بن أبي كبشة لم يسمع من عثمان . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=17350يزيد بن أبي كبشة عن مروان عن عثمان . وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط ، وفيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10234إذا صليت فرأيت أنك أتممت صلاتك وأنت في بيتك } الحديث . وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي قال : قال صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10176إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أو ثلاثا فليلق الشك وليبن على اليقين } ورجال إسناده ثقات . وعن nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر عند أبي داود بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=64540من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم } وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير . قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : منكر الحديث ، وفي إسناده أيضا عتبة بن محمد بن الحارث ، قال العراقي : ليس بالمعروف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : لا بأس بإسناد هذا الحديث وحديث الباب قد استدل به وبما ذكر معه من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=28164_1867من شك في ركعة بنى على الأقل مطلقا .
قال النووي : وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والجمهور ، وحكاه المهدي في البحر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام وأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك . واستدلوا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والأوزاعي والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة - وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة - إلى أن من شك في ركعة وهو مبتدأ بالشك لا مبتلى به أعادها ، هكذا في البحر . قال : إن المبتلى الذي يمكنه التحري يعمل بتحريه . وحكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وأبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة .
والذي حكاه النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وموافقيه من أهل الكوفة من أهل الرأي أن nindex.php?page=treesubj&link=28164من شك في صلاته في عدد ركعاته تحرى وبنى على غالب ظنه ، ولا يلزم الاقتصار والإتيان بالزيادة . قال : واختلف هؤلاء ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في طائفة : هذا لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى ، وأما غيره فيبني على اليقين . وقال آخرون : هو على عمومه ا هـ .
وحكى العراقي في شرح الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح القاضي nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد بن الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران وعبد الكريم الجزري والشعبي والأوزاعي أنهم يقولون بوجوب الإعادة مرة بعد أخرى حتى يستيقن ، ولم يرو عنهم الفرق بين المبتدإ والمبتلى لي .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك أنهما قالا : يعيد مرة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس كذلك . وعن بعضهم يعيد ثلاث مرات .
واحتج القائلون بالاستئناف بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت { nindex.php?page=hadith&LINKID=5738أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل سها في صلاته فلم يدر كم صلى ، فقال : ليعد صلاته وليسجد سجدتين قاعدا } وهو من رواية إسحاق بن يحيى بن عبادة بن الصامت . قال العراقي : لم يسمع إسحاق من جده nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة انتهى .
فلا ينتهض لمعارضة الأحاديث الصحيحة المصرحة بوجوب البناء على الأقل ، ومع هذا فظاهره عدم الفرق بين المبتدإ والمبتلى . والمدعي اختصاص الإعادة بالمبتدإ . واحتجوا [ ص: 138 ] أيضا بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن ميمونة بنت سعد قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1313أفتنا يا رسول الله في رجل سها في صلاته فلا يدري كم صلى ، قال : ينصرف ثم يقوم في صلاته حتى يعلم كم صلى ، فإنما ذلك الوسواس يعرض فيسهيه عن صلاته } وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الجزري مختلف فيه وهو كبقية في الشاميين يروي عن المجاهيل ، وفي إسناده أيضا عبد الحميد بن يزيد وهو مجهول كما قال العراقي .
واحتج القائلون بوجوب العمل بالظن والتحري إما مطلقا أو لمن كان مبتلى بالشك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود الآتي لما فيه من الأمر لمن شك بأن يتحرى الصواب . وأجاب عنهم القائلون بوجوب البناء على الأقل بأن التحري هو القصد ومنه قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=14فأولئك تحروا رشدا } فمعنى الحديث : فليقصد الصواب فيعمل به ، وقصد الصواب هو ما بينه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وغيره . وقد قدمنا طرفا من الخلاف في كون التحري والبناء على اليقين شيئا واحدا أم لا .
وفي القاموس أن التحري : التعمد وطلب ما هو أحرى بالاستعمال . قال النووي : فإن قالت الحنفية : حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد لا يخالف ما قلنا ; لأنه ورد في الشك وهو ما استوى طرفاه ، ومن شك ولم يترجح له أحد الطريقين يبني على الأقل بالإجماع ، بخلاف من غلب على ظنه أن صلى أربعا مثلا . فالجواب أن تفسير الشك بمستوى الطرفين إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين .
وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكا ، سواء المستوي والراجح والمرجوح ، والحديث يحمل على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية ، ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح انتهى .
والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقل والبناء على اليقين وتحري الصواب ; وذلك لأن التحري في اللغة كما عرفت هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب ، وقد أمر به صلى الله عليه وسلم ، وأمر بالبناء على اليقين والبناء على الأقل عند عروض الشك ، فإن أمكن الخروج بالتحري عن دائرة الشك لغة ولا يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات ، فلا شك أنه مقدم على البناء على الأقل ; لأن الشارع قد شرط في جواز البناء على الأقل عدم الدراية كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ، وهذا التحري قد حصلت له الدراية ، وأمر الشاك بالبناء على ما استيقن كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، ومن بلغ به تحريه إلى اليقين قد بنى على ما استيقن .
وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الأحاديث المذكورة ، وأن التحري المذكور مقدم على البناء على الأقل ، وقد أوقع الناس ظن التعارض بين هذه الأحاديث في مضايق ليس عليها أثارة من علم كالفرق بين المبتدإ والمبتلى والركن والركعة . قوله : ( في حديث الباب قبل أن يسلم ) استدل به القائلون بمشروعية nindex.php?page=treesubj&link=1871سجود السهو قبل السلام ، وقد تقدم الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحق قوله : ( فليصل حتى يشك في [ ص: 139 ] الزيادة ) فيه أن جعل الشك في جانب الزيادة أولى من جعله في جانب النقصان .
1020 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10176إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته ، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ) الحديث أخرجه أيضا أبو داود بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10180فليلق الشك وليبن على اليقين ، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين ، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافلة ، وإن كانت صلاته ناقصة كانت الركعة تماما والسجدتان ترغيما للشيطان } . وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي . واختلف فيه على nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار فروي مرسلا ، وروي بذكر nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد فيه ، وروي عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال الحافظ : وهو وهم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد أصح حديث في الباب . والحديث استدل به القائلون بوجوب اطراح الشك والبناء على اليقين وهم الجمهور كما قال النووي والعراقي . وقد تقدم ما أجاب به القائلون بالبناء على الظن وما أجيب به عليهم وما هو الحق .
قوله : ( قبل أن يسلم ) هو من أدلة القائلين بأن nindex.php?page=treesubj&link=1871السجود للسهو قبل السلام ، وقد تقدم البحث عن ذلك أيضا . قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23716فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته } يعني أن السجدتين بمنزلة الركعة ; لأنهما ركناها ، فكأنه بفعلهما قد فعل ركعة سادسة فصارت الصلاة شفعا . قوله : ( كانتا ترغيما للشيطان ) ; لأنه لما قصد التلبيس على المصلي وإبطال صلاته كان السجدتان لما فيهما من الثواب ترغيما له ، فعاد عليه بسببهما قصده بالنقص .
وفي جعل العلة ترغيم الشيطان رد على من أوجب السجود للأسباب المتعمدة وهو أبو طالب والإمام يحيى nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي كما في البحر ; لأن إرغام الشيطان إنما يكون بما حدث بسببه ، والعمد ليس من الشيطان بل من المصلي .
وأما استدلالهم على ذلك بالقياس للعمد على السهو ; لأنه إنما شرع في السهو للنقص ، فالعمد مثله ، فمردود بأن العلة ليست النقص بل إرغام الشيطان كما في الحديث . وظاهر الحديث أن مجرد حصول الشك موجب للسجود ، ولو زال وحصلت معرفة الصواب وتحقق أنه لم يزد شيئا ، وإلى ذلك ذهب الشيخ أبو علي والمؤيد بالله ، وذهب المنصور بالله وإمام الحرمين أنه لا يسجد لزوال التردد .
ويدل للمذهب الأول ما أخرجه أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10174إذا شك أحدكم في صلاته ، فإن استيقن أنه قد صلى ثلاثا [ ص: 140 ] فليقم وليتم ركعة بسجودها ثم يجلس فيتشهد ، فإذا فرغ فلم يبق إلا أن يسلم فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم } وسيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ما يدل على مثل ما دل عليه هذا الحديث .
1021 - ( وعن إبراهيم عن علقمة عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=20927 : صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم : زاد أو نقص ، فلما سلم قيل له : يا رسول الله حدث في الصلاة شيء ؟ قال : لا ، وما ذاك ؟ قالوا : صليت كذا وكذا ، فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ، ثم سلم ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ، ثم ليسلم ، ثم ليسجد سجدتين } رواه الجماعة إلا الترمذي .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في رواية " فلينظر أقرب ذلك إلى الصواب " ) . قوله : ( وعن إبراهيم ) هو النخعي قوله : ( زاد أو نقص ) في رواية للجماعة من طريق إبراهيم عن علقمة أنه صلى خمسا على الجزم ، وستأتي في باب من صلى الرباعية خمسا .
وفي قوله : " زاد أو نقص " دليل على مشروعية nindex.php?page=treesubj&link=1867سجود السهو لمن تردد بين الزيادة والنقصان إلا أن تجعل رواية الجزم مفسرة لرواية التردد . قوله : ( فثنى رجليه ) في رواية أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان بالإفراد .
وهذه الرواية هي اللائقة بالمقام . ومعنى ثنى الرجل صرفها عن حالتها التي كانت عليها . قوله : ( لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ) فيه أن الأصل في الأحكام بقاؤها على ما قررت عليه وإن جوز غير ذلك ، وأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز . قوله : ( إنما أنا بشر مثلكم ) هذا حصر له في البشرية باعتبار من أنكر ثبوت ذلك ونازع فيه عنادا وجحودا ، وأما باعتبار غير ذلك مما هو فيه فلا ينحصر في وصف البشرية ، إذ له صفات أخر ، ككونه جسما حيا متحركا نبيا رسولا بشيرا نذيرا سراجا منيرا وغير ذلك .
وتحقيق هذا المبحث ونظائره محله علم المعاني . قوله : ( أنسى كما تنسون ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : " وأذكر كما تذكرون " وفيه دليل على جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم فيما طريقه البلاغ ، وقد تقدم الكلام على هذا في شرح حديث ذي اليدين قوله : ( فإذا نسيت فذكروني ) فيه أمر التابع بتذكير المتبوع . وظاهر الحديث يدل على الوجوب على الفور . قوله ( فليتحر الصواب ) فيه دليل لمن قال بالعمل على [ ص: 141 ] غالب الظن وتقديمه على البناء على الأقل وقد قدمنا الجواب عليه من جهة القائلين بوجوب البناء على الأقل .
قوله : ( فليتم عليه ) بضم التحتانية وكسر الفوقانية . قوله : ( ثم ليسجد سجدتين ) فيه دليل لمن قال إن السجود قبل التسليم وقد مر تحقيقه .
وفيه أيضا أن مجرد النظر والتفكر من أسباب السجود ; لأنه قد لحق الصلاة بسبب الوسوسة نقص ، وقد تقدم الكلام على ذلك .
1022 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11103إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه فلا يدري كم صلى ، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل أن يسلم } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وهو لبقية الجماعة إلا قوله : " قبل أن يسلم " ) .
1023 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36627من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ) .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر في إسناده مصعب بن شيبة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : منكر الحديث . وعنه : ليس بمعروف ، وقد وثقه ابن معين واحتج به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : إنه روى أحاديث مناكير . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : لا يحمدونه وليس بالقوي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ليس بالقوي ولا بالحافظ .
قوله : ( إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه ) في لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري وأبي داود : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10836إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه } وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أيضا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1439أقبل يعني الشيطان حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى قوله } : ( فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ) فيه دليل لمن قال : إن سجود السهو قبل التسليم ، وقد تقدم الكلام على ذلك قوله : ( بعد ما يسلم ) احتج به القائلون بأن سجود السهو بعد السلام وقد تقدم ذكرهم .
والأحاديث الصحيحة الواردة في سجود السهو لأجل الشك كحديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرها قاضية بأن سجود السهو لهذا السبب يكون قبل السلام ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر لا ينتهض لمعارضتها لا سيما مع ما فيه من المقال الذي تقدم ذكره ، ولكنه يؤيده حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المذكور قريبا فيكون الكل جائزا .
وقد استدل بظاهر هذين الحديثين من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=28164_1867المصلي إذا شك [ ص: 142 ] فلم يدر زاد أو نقص فليس عليه إلا سجدتان عملا بظاهر الحديثين المذكورين . وإلى ذلك ذهب nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وطائفة من السلف ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، وخالف في ذلك الجمهور ، العترة والأئمة الأربعة وغيرهم . فمنهم من قال : يبني على الأقل ، ومنهم من قال : يعمل على غالب ظنه ، ومنهم من قال : يعيد ، وقد تقدم تفصيل ذلك .
وليس في حديثي الباب أكثر من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسجدتين عند السهو في الصلاة وليس فيهما بيان ما يصنعه من وقع له ذلك ، والأحاديث الآخرة قد اشتملت على زيادة وهي بيان ما هو الواجب عليه عند ذلك من غير السجود ، فالمصير إليها واجب ، وظاهر قوله : " من شك في صلاته " ، وقوله : ( إذا وجد أحدكم ذلك ) وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد المتقدم : " إذا شك أحدكم في صلاته " وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المتقدم أيضا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39473وإذا شك أحدكم فليتحر الصواب } وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف : " إذا شك أحدكم في صلاته " أن سجود السهو مشروع في صلاة النافلة كما هو مشروع في صلاة الفريضة ، وإلى ذلك ذهب الجمهور من العلماء قديما وحديثا ; لأن الجبران وإرغام الشيطان يحتاج إليه في النفل كما يحتاج إليه في الفرض وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ونقله جماعة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن قوله القديم إلى أن التطوع لا يسجد فيه ، وهذا ينبني على الخلاف في اسم الصلاة الذي هو حقيقة شرعية في الأفعال المخصوصة هل هو متواطئ فيكون مشتركا معنويا فيدخل تحته كل صلاة ؟ أو هو مشترك لفظي بين صلاتي الفرض والنفل . فذهب الرازي إلى الثاني لما بين صلاتي الفرض والنفل من التباين في بعض الشروط كالقيام واستقبال القبلة وعدم اعتبار العدد المعنوي وغير ذلك . قال العلائي : والذي يظهر أنه مشترك معنوي لوجود القدر الجامع بين كل ما يسمى صلاة وهو التحريم والتحليل مع ما يشمل الكل من الشروط التي لا تنفك .
قال في الفتح : وإلى كونه مشتركا معنويا ذهب جمهور أهل الأصول . قال ابن رسلان : وهو أولى ; لأن الاشتراك اللفظي على خلاف الأصل ، والتواطؤ خير منه ا هـ . فمن قال : إن لفظ الصلاة مشترك معنوي قال بمشروعية nindex.php?page=treesubj&link=1880سجود السهو في صلاة التطوع ومن قال بأنه مشترك لفظي فلا عموم له حينئذ إلا على قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن المشترك يعم جميع مسمياته ، وقد ترجم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على باب السهو في الفرض والتطوع ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه يسجد بعد وتره وذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المتقدم .
الحديث معلول لأنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن مكحول عن nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن عبد الرحمن . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في المسند عن ابن علية عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن مكحول . قال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : فلقيت ابن عبد الله فقال لي : هل أسنده لك ؟ قلت : لا ، فقال : لكنه حدثني أن nindex.php?page=showalam&ids=16845كريبا حدثه به وحسين ضعيف جدا . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه والهيثم بن كليب ، في مسنديهما من طريق الزهري عبد الله بن عبد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مختصرا ، وفي إسنادهما إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف ، وتابعه ابن كثير السقاء فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في العلل . وقد رواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل محمد بن يزيد عن ابن مسلم عن الزهري ، وإسماعيل بن مسلم ضعيف كما مر . والزيادة التي رواها المصنف رحمه اللهعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أخرج نحوها nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، ولفظه : " ثم ليتم ما بقي من صلاته " حتى يكون الوهم في الزيادة ، وفي الباب غير ما ذكره المصنف عن عثمان عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وفيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36726من صلى فلم يدر أشفع أم أوتر فليسجد سجدتين فإنهما إتمام صلاته } قال [ ص: 137 ] العراقي : ورجاله ثقات إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=17350يزيد بن أبي كبشة لم يسمع من عثمان . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=17350يزيد بن أبي كبشة عن مروان عن عثمان . وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط ، وفيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10234إذا صليت فرأيت أنك أتممت صلاتك وأنت في بيتك } الحديث . وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي قال : قال صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10176إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أو ثلاثا فليلق الشك وليبن على اليقين } ورجال إسناده ثقات . وعن nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر عند أبي داود بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=64540من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم } وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير . قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : منكر الحديث ، وفي إسناده أيضا عتبة بن محمد بن الحارث ، قال العراقي : ليس بالمعروف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : لا بأس بإسناد هذا الحديث وحديث الباب قد استدل به وبما ذكر معه من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=28164_1867من شك في ركعة بنى على الأقل مطلقا .
قال النووي : وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والجمهور ، وحكاه المهدي في البحر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام وأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك . واستدلوا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والأوزاعي والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة - وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة - إلى أن من شك في ركعة وهو مبتدأ بالشك لا مبتلى به أعادها ، هكذا في البحر . قال : إن المبتلى الذي يمكنه التحري يعمل بتحريه . وحكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وأبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة .
والذي حكاه النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وموافقيه من أهل الكوفة من أهل الرأي أن nindex.php?page=treesubj&link=28164من شك في صلاته في عدد ركعاته تحرى وبنى على غالب ظنه ، ولا يلزم الاقتصار والإتيان بالزيادة . قال : واختلف هؤلاء ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في طائفة : هذا لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى ، وأما غيره فيبني على اليقين . وقال آخرون : هو على عمومه ا هـ .
وحكى العراقي في شرح الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح القاضي nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد بن الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران وعبد الكريم الجزري والشعبي والأوزاعي أنهم يقولون بوجوب الإعادة مرة بعد أخرى حتى يستيقن ، ولم يرو عنهم الفرق بين المبتدإ والمبتلى لي .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك أنهما قالا : يعيد مرة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس كذلك . وعن بعضهم يعيد ثلاث مرات .
واحتج القائلون بالاستئناف بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت { nindex.php?page=hadith&LINKID=5738أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل سها في صلاته فلم يدر كم صلى ، فقال : ليعد صلاته وليسجد سجدتين قاعدا } وهو من رواية إسحاق بن يحيى بن عبادة بن الصامت . قال العراقي : لم يسمع إسحاق من جده nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة انتهى .
فلا ينتهض لمعارضة الأحاديث الصحيحة المصرحة بوجوب البناء على الأقل ، ومع هذا فظاهره عدم الفرق بين المبتدإ والمبتلى . والمدعي اختصاص الإعادة بالمبتدإ . واحتجوا [ ص: 138 ] أيضا بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن ميمونة بنت سعد قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1313أفتنا يا رسول الله في رجل سها في صلاته فلا يدري كم صلى ، قال : ينصرف ثم يقوم في صلاته حتى يعلم كم صلى ، فإنما ذلك الوسواس يعرض فيسهيه عن صلاته } وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الجزري مختلف فيه وهو كبقية في الشاميين يروي عن المجاهيل ، وفي إسناده أيضا عبد الحميد بن يزيد وهو مجهول كما قال العراقي .
واحتج القائلون بوجوب العمل بالظن والتحري إما مطلقا أو لمن كان مبتلى بالشك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود الآتي لما فيه من الأمر لمن شك بأن يتحرى الصواب . وأجاب عنهم القائلون بوجوب البناء على الأقل بأن التحري هو القصد ومنه قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=14فأولئك تحروا رشدا } فمعنى الحديث : فليقصد الصواب فيعمل به ، وقصد الصواب هو ما بينه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وغيره . وقد قدمنا طرفا من الخلاف في كون التحري والبناء على اليقين شيئا واحدا أم لا .
وفي القاموس أن التحري : التعمد وطلب ما هو أحرى بالاستعمال . قال النووي : فإن قالت الحنفية : حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد لا يخالف ما قلنا ; لأنه ورد في الشك وهو ما استوى طرفاه ، ومن شك ولم يترجح له أحد الطريقين يبني على الأقل بالإجماع ، بخلاف من غلب على ظنه أن صلى أربعا مثلا . فالجواب أن تفسير الشك بمستوى الطرفين إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين .
وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكا ، سواء المستوي والراجح والمرجوح ، والحديث يحمل على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية ، ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح انتهى .
والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقل والبناء على اليقين وتحري الصواب ; وذلك لأن التحري في اللغة كما عرفت هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب ، وقد أمر به صلى الله عليه وسلم ، وأمر بالبناء على اليقين والبناء على الأقل عند عروض الشك ، فإن أمكن الخروج بالتحري عن دائرة الشك لغة ولا يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات ، فلا شك أنه مقدم على البناء على الأقل ; لأن الشارع قد شرط في جواز البناء على الأقل عدم الدراية كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ، وهذا التحري قد حصلت له الدراية ، وأمر الشاك بالبناء على ما استيقن كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، ومن بلغ به تحريه إلى اليقين قد بنى على ما استيقن .
وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الأحاديث المذكورة ، وأن التحري المذكور مقدم على البناء على الأقل ، وقد أوقع الناس ظن التعارض بين هذه الأحاديث في مضايق ليس عليها أثارة من علم كالفرق بين المبتدإ والمبتلى والركن والركعة . قوله : ( في حديث الباب قبل أن يسلم ) استدل به القائلون بمشروعية nindex.php?page=treesubj&link=1871سجود السهو قبل السلام ، وقد تقدم الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحق قوله : ( فليصل حتى يشك في [ ص: 139 ] الزيادة ) فيه أن جعل الشك في جانب الزيادة أولى من جعله في جانب النقصان .
1020 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10176إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته ، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ) الحديث أخرجه أيضا أبو داود بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10180فليلق الشك وليبن على اليقين ، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين ، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافلة ، وإن كانت صلاته ناقصة كانت الركعة تماما والسجدتان ترغيما للشيطان } . وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي . واختلف فيه على nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار فروي مرسلا ، وروي بذكر nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد فيه ، وروي عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال الحافظ : وهو وهم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد أصح حديث في الباب . والحديث استدل به القائلون بوجوب اطراح الشك والبناء على اليقين وهم الجمهور كما قال النووي والعراقي . وقد تقدم ما أجاب به القائلون بالبناء على الظن وما أجيب به عليهم وما هو الحق .
قوله : ( قبل أن يسلم ) هو من أدلة القائلين بأن nindex.php?page=treesubj&link=1871السجود للسهو قبل السلام ، وقد تقدم البحث عن ذلك أيضا . قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23716فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته } يعني أن السجدتين بمنزلة الركعة ; لأنهما ركناها ، فكأنه بفعلهما قد فعل ركعة سادسة فصارت الصلاة شفعا . قوله : ( كانتا ترغيما للشيطان ) ; لأنه لما قصد التلبيس على المصلي وإبطال صلاته كان السجدتان لما فيهما من الثواب ترغيما له ، فعاد عليه بسببهما قصده بالنقص .
وفي جعل العلة ترغيم الشيطان رد على من أوجب السجود للأسباب المتعمدة وهو أبو طالب والإمام يحيى nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي كما في البحر ; لأن إرغام الشيطان إنما يكون بما حدث بسببه ، والعمد ليس من الشيطان بل من المصلي .
وأما استدلالهم على ذلك بالقياس للعمد على السهو ; لأنه إنما شرع في السهو للنقص ، فالعمد مثله ، فمردود بأن العلة ليست النقص بل إرغام الشيطان كما في الحديث . وظاهر الحديث أن مجرد حصول الشك موجب للسجود ، ولو زال وحصلت معرفة الصواب وتحقق أنه لم يزد شيئا ، وإلى ذلك ذهب الشيخ أبو علي والمؤيد بالله ، وذهب المنصور بالله وإمام الحرمين أنه لا يسجد لزوال التردد .
ويدل للمذهب الأول ما أخرجه أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10174إذا شك أحدكم في صلاته ، فإن استيقن أنه قد صلى ثلاثا [ ص: 140 ] فليقم وليتم ركعة بسجودها ثم يجلس فيتشهد ، فإذا فرغ فلم يبق إلا أن يسلم فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم } وسيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ما يدل على مثل ما دل عليه هذا الحديث .
1021 - ( وعن إبراهيم عن علقمة عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=20927 : صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم : زاد أو نقص ، فلما سلم قيل له : يا رسول الله حدث في الصلاة شيء ؟ قال : لا ، وما ذاك ؟ قالوا : صليت كذا وكذا ، فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ، ثم سلم ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ، ثم ليسلم ، ثم ليسجد سجدتين } رواه الجماعة إلا الترمذي .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في رواية " فلينظر أقرب ذلك إلى الصواب " ) . قوله : ( وعن إبراهيم ) هو النخعي قوله : ( زاد أو نقص ) في رواية للجماعة من طريق إبراهيم عن علقمة أنه صلى خمسا على الجزم ، وستأتي في باب من صلى الرباعية خمسا .
وفي قوله : " زاد أو نقص " دليل على مشروعية nindex.php?page=treesubj&link=1867سجود السهو لمن تردد بين الزيادة والنقصان إلا أن تجعل رواية الجزم مفسرة لرواية التردد . قوله : ( فثنى رجليه ) في رواية أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان بالإفراد .
وهذه الرواية هي اللائقة بالمقام . ومعنى ثنى الرجل صرفها عن حالتها التي كانت عليها . قوله : ( لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ) فيه أن الأصل في الأحكام بقاؤها على ما قررت عليه وإن جوز غير ذلك ، وأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز . قوله : ( إنما أنا بشر مثلكم ) هذا حصر له في البشرية باعتبار من أنكر ثبوت ذلك ونازع فيه عنادا وجحودا ، وأما باعتبار غير ذلك مما هو فيه فلا ينحصر في وصف البشرية ، إذ له صفات أخر ، ككونه جسما حيا متحركا نبيا رسولا بشيرا نذيرا سراجا منيرا وغير ذلك .
وتحقيق هذا المبحث ونظائره محله علم المعاني . قوله : ( أنسى كما تنسون ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : " وأذكر كما تذكرون " وفيه دليل على جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم فيما طريقه البلاغ ، وقد تقدم الكلام على هذا في شرح حديث ذي اليدين قوله : ( فإذا نسيت فذكروني ) فيه أمر التابع بتذكير المتبوع . وظاهر الحديث يدل على الوجوب على الفور . قوله ( فليتحر الصواب ) فيه دليل لمن قال بالعمل على [ ص: 141 ] غالب الظن وتقديمه على البناء على الأقل وقد قدمنا الجواب عليه من جهة القائلين بوجوب البناء على الأقل .
قوله : ( فليتم عليه ) بضم التحتانية وكسر الفوقانية . قوله : ( ثم ليسجد سجدتين ) فيه دليل لمن قال إن السجود قبل التسليم وقد مر تحقيقه .
وفيه أيضا أن مجرد النظر والتفكر من أسباب السجود ; لأنه قد لحق الصلاة بسبب الوسوسة نقص ، وقد تقدم الكلام على ذلك .
1022 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11103إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه فلا يدري كم صلى ، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل أن يسلم } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وهو لبقية الجماعة إلا قوله : " قبل أن يسلم " ) .
1023 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36627من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ) .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر في إسناده مصعب بن شيبة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : منكر الحديث . وعنه : ليس بمعروف ، وقد وثقه ابن معين واحتج به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : إنه روى أحاديث مناكير . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : لا يحمدونه وليس بالقوي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ليس بالقوي ولا بالحافظ .
قوله : ( إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه ) في لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري وأبي داود : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10836إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه } وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أيضا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1439أقبل يعني الشيطان حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى قوله } : ( فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ) فيه دليل لمن قال : إن سجود السهو قبل التسليم ، وقد تقدم الكلام على ذلك قوله : ( بعد ما يسلم ) احتج به القائلون بأن سجود السهو بعد السلام وقد تقدم ذكرهم .
والأحاديث الصحيحة الواردة في سجود السهو لأجل الشك كحديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرها قاضية بأن سجود السهو لهذا السبب يكون قبل السلام ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر لا ينتهض لمعارضتها لا سيما مع ما فيه من المقال الذي تقدم ذكره ، ولكنه يؤيده حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المذكور قريبا فيكون الكل جائزا .
وقد استدل بظاهر هذين الحديثين من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=28164_1867المصلي إذا شك [ ص: 142 ] فلم يدر زاد أو نقص فليس عليه إلا سجدتان عملا بظاهر الحديثين المذكورين . وإلى ذلك ذهب nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وطائفة من السلف ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، وخالف في ذلك الجمهور ، العترة والأئمة الأربعة وغيرهم . فمنهم من قال : يبني على الأقل ، ومنهم من قال : يعمل على غالب ظنه ، ومنهم من قال : يعيد ، وقد تقدم تفصيل ذلك .
وليس في حديثي الباب أكثر من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسجدتين عند السهو في الصلاة وليس فيهما بيان ما يصنعه من وقع له ذلك ، والأحاديث الآخرة قد اشتملت على زيادة وهي بيان ما هو الواجب عليه عند ذلك من غير السجود ، فالمصير إليها واجب ، وظاهر قوله : " من شك في صلاته " ، وقوله : ( إذا وجد أحدكم ذلك ) وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد المتقدم : " إذا شك أحدكم في صلاته " وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المتقدم أيضا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39473وإذا شك أحدكم فليتحر الصواب } وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف : " إذا شك أحدكم في صلاته " أن سجود السهو مشروع في صلاة النافلة كما هو مشروع في صلاة الفريضة ، وإلى ذلك ذهب الجمهور من العلماء قديما وحديثا ; لأن الجبران وإرغام الشيطان يحتاج إليه في النفل كما يحتاج إليه في الفرض وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ونقله جماعة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن قوله القديم إلى أن التطوع لا يسجد فيه ، وهذا ينبني على الخلاف في اسم الصلاة الذي هو حقيقة شرعية في الأفعال المخصوصة هل هو متواطئ فيكون مشتركا معنويا فيدخل تحته كل صلاة ؟ أو هو مشترك لفظي بين صلاتي الفرض والنفل . فذهب الرازي إلى الثاني لما بين صلاتي الفرض والنفل من التباين في بعض الشروط كالقيام واستقبال القبلة وعدم اعتبار العدد المعنوي وغير ذلك . قال العلائي : والذي يظهر أنه مشترك معنوي لوجود القدر الجامع بين كل ما يسمى صلاة وهو التحريم والتحليل مع ما يشمل الكل من الشروط التي لا تنفك .
قال في الفتح : وإلى كونه مشتركا معنويا ذهب جمهور أهل الأصول . قال ابن رسلان : وهو أولى ; لأن الاشتراك اللفظي على خلاف الأصل ، والتواطؤ خير منه ا هـ . فمن قال : إن لفظ الصلاة مشترك معنوي قال بمشروعية nindex.php?page=treesubj&link=1880سجود السهو في صلاة التطوع ومن قال بأنه مشترك لفظي فلا عموم له حينئذ إلا على قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن المشترك يعم جميع مسمياته ، وقد ترجم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على باب السهو في الفرض والتطوع ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه يسجد بعد وتره وذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المتقدم .