الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 218 ] ( فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون ( 66 ) فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ( 67 ) وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ( 68 ) وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ( 69 ) وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ( 70 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( فعميت ) خفيت واشتبهت ( عليهم الأنباء ) أي : الأخبار والأعذار ، وقال مجاهد : الحجج ، ( يومئذ ) فلا يكون لهم عذر ولا حجة ، ( فهم لا يتساءلون ) لا يجيبون ، وقال قتادة : لا يحتجون ، وقيل : يسكتون لا يسأل بعضهم بعضا .

                                                                                                                                                                                                                                      ( فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ) السعداء الناجين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ) نزلت هذه الآية جوابا للمشركين حين قالوا : " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " ، يعني : الوليد بن المغيرة ، أو عروة بن مسعود الثقفي ، أخبر الله تعالى أنه لا يبعث الرسل باختيارهم . قوله - عز وجل - : ( ما كان لهم الخيرة ) قيل : " ما " للإثبات ، معناه : ويختار الله ما كان لهم الخيرة ، أي : يختار ما هو الأصلح والخير . وقيل : هو للنفي أي : ليس إليهم الاختيار ، وليس لهم أن يختاروا على الله ، كما قال تعالى : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة " ( الأحزاب - 36 ) ، " والخيرة " : اسم من الاختيار يقام مقام المصدر ، وهي اسم للمختار أيضا كما يقال : محمد خيرة الله من خلقه . ثم نزه نفسه فقال : ( سبحان الله وتعالى عما يشركون )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ) يظهرون .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة ) يحمده أولياؤه في الدنيا ، ويحمدونه في الآخرة في الجنة ، ( وله الحكم ) فصل القضاء بين الخلق . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : [ ص: 219 ] حكم لأهل طاعته بالمغفرة ولأهل معصيته بالشقاء ، ( وإليه ترجعون )

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية