الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( فسنيسره لليسرى ( 7 ) وأما من بخل واستغنى ( 8 ) وكذب بالحسنى ( 9 ) فسنيسره للعسرى ( 10 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( فسنيسره ) فسنهيئه في الدنيا ، ( لليسرى ) أي للخلة اليسرى ، وهي العمل بما يرضاه الله - عز وجل - . ( وأما من بخل ) بالنفقة في الخير ، ( واستغنى ) عن ثواب الله فلم يرغب فيه ( وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) سنهيئه للشر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضي الله ، فيستوجب به النار . قال مقاتل : نعسر عليه أن يأتي خيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وروينا عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من نفس منفوسة إلا [ كتب الله ] مكانها من الجنة أو النار " فقال رجل : أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟ قال : " لا ولكن اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل الشقاء فييسرون لعمل أهل الشقاء ، وأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة " ، ثم تلا " فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى " .

                                                                                                                                                                                                                                      قيل : نزلت في أبي بكر الصديق اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق ، فأعتقه فأنزل الله تعالى : " والليل إذا يغشى " إلى قوله : " إن سعيكم لشتى " يعني : سعي أبي بكر وأمية .

                                                                                                                                                                                                                                      وروى علي بن حجر عن إسحاق عن أبي نجيح عن عطاء ، قال : كان لرجل من الأنصار نخلة وكان له جار يسقط من بلحها في دار جاره ، وكان صبيانه يتناولون منه ، فشكا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " بعنيها بنخلة في الجنة " فأبى ، فخرج فلقيه أبو الدحداح ، فقال له : هل لك أن تبيعها بحش [ البستان ] ، يعني حائطا له ، فقال له : هي لك ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أتشتريها مني بنخلة في الجنة ؟ قال : " نعم " قال : هي لك ، فدعا ‌النبي - صلى الله عليه وسلم - جار الأنصاري [ ص: 447 ] فقال : " خذها " . فأنزل الله تعالى : " والليل إذا يغشى " إلى قوله : " إن سعيكم لشتى " [ سعي أبي ] الدحداح والأنصاري صاحب النخلة .

                                                                                                                                                                                                                                      ( فأما من أعطى واتقى ) [ يعني أبا ] الدحداح ، ( وصدق بالحسنى ) [ الثواب ] ( فسنيسره لليسرى ) يعني الجنة ، ( وأما من بخل واستغنى ) يعني الأنصاري ، ( وكذب بالحسنى ) يعني الثواب ، ( فسنيسره للعسرى ) يعني النار .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية