الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5486 حدثني محمد بن المثنى قال حدثني ابن أبي عدي عن ابن عون عن محمد عن أنس رضي الله عنه قال لما ولدت أم سليم قالت لي يا أنس انظر هذا الغلام فلا يصيبن شيئا حتى تغدو به إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحنكه فغدوت به فإذا هو في حائط وعليه خميصة حريثية وهو يسم الظهر الذي قدم عليه في الفتح

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني حديث أنس ، قوله : ( عن ابن عون ) هو عبد الله ، ومحمد هو ابن سيرين ، والإسناد كله بصريون ، وقد سبقت الإشارة إلى هذا الإسناد في آخر " باب تسمية المولود " من كتاب العقيقة ، وتقدم حديث أنس في تسمية الصبي المذكور وتحنيكه في كتاب الزكاة من طريق إسحاق بن أبي طلحة ، وتقدمت له طريق أخرى عن إسحاق أتم منها في كتاب الجنائز .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وعليه خميصة حريثية ) بمهملة وراء ومثلثة مصغرا وآخره هاء تأنيث قال عياض : كذا لرواة البخاري ، وهي منسوبة إلى حريث رجل من قضاعة ، ووقع في رواية أبي السكن " خيبرية " بالخاء المعجمة والموحدة نسبة إلى خيبر البلد المعروف ، قال : واختلف رواة مسلم فقيل كالأول ; ولبعضهم مثله لكن بواو بدل الراء ولا معنى لها ، ولبعضهم " جونية " بفتح الجيم وسكون الواو بعدها نون نسبة إلى بني الجون أو إلى لونها من السواد أو الحمرة أو البياض فإن العرب تسمي كل لون من هذه جونا ، ولبعضهم بالتصغير ، ولبعضهم بضم الحاء المهملة والباقي مثله ولا معنى له ، ولبعضهم كذلك لكن بمثناة نسبة إلى الحويت فقيل هي قبيلة ، وقيل [ ص: 293 ] : شبهت بحسب الخطوط الممتدة التي في الحوت . قلت : والذي يطابق الترجمة من جميع هذه الروايات " الجونية " بالجيم والنون فإن الأشهر فيه أنه الأسود ، ولا يمنع ذلك وروده في حديث الباب بلفظ " الحريثية " لأن طرق الحديث يفسر بعضها بعضا ، فيكون لونها أسود وهي منسوبة إلى صانعها ، وقد أخرج أبو داود والنسائي والحاكم من حديث عائشة أنها " صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبة من صوف سوداء فلبسها " قال في النهاية : المحفوظ المشهور جونية بالجيم والنون أي سوداء ، وأما " حريثية " فلا أعرفها وطالما بحثت عنها فلم أقف لها على معنى ، وفي رواية " حوتكية " ولعلها منسوبة إلى القصر فإن الحوتكي الرجل القصير الخطو ، أو هي منسوبة إلى رجل يسمى حوتكا . وقال النووي : وقع لجميع رواة البخاري " حونبية " بفتح المهملة وسكون الواو وفتح النون بعدها موحدة ثم تحتانية ثقيلة ; وفي بعضها بضم المعجمة وفتح الواو وسكون التحتانية بعدها مثلثة ، وساق بعض ما تقدم ، ونقل عن صاحب " التحرير " شارح مسلم " حوتية " نسبة إلى الحوت وهي قبيلة أو موضع ، ثم قال القاضي عياض في " المشارق " : هذه الروايات كلها تصحيف إلا الجونية بالجيم والنون فهي منسوبة إلى بني الجون قبيلة من الأزد ، أو إلى لونها من السواد ، وإلا الحريثية بالراء والمثلثة . ووقع في نسخة الصغاني في الحاشية مقابل حريثية : هذا تصحيف ، والصواب حوتكية ، وكذا وقع في رواية الإسماعيلي أي قصيرة وهي في معنى الشملة ، ومنه حديث العرباض بن سارية " كان يخرج علينا في الصفة وعليه حوتكية " .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية