الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5606 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن nindex.php?page=showalam&ids=11870مسلم قال كنا مع nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق nindex.php?page=hadith&LINKID=655494في دار يسار بن نمير فرأى في صفته تماثيل فقال سمعت nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول nindex.php?page=treesubj&link=23993_27530إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون
قوله : ( باب nindex.php?page=treesubj&link=23994عذاب المصورين يوم القيامة ) أي الذين يصنعون الصور . ذكر فيه حديثين : الأول .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=11870مسلم ) هو ابن صبيح أبو الضحى وهو بكنيته أشهر ، وجوز الكرماني أن يكون مسلم بن عمران البطين ثم قال : إنه الظاهر ، وهو مردود فقد وقع في رواية مسلم في هذا الحديث من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن الأعمش عن أبي الضحى .
قوله : ( كنا مع nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ) هو ابن الأجدع .
قوله : ( في دار يسار بن نمير ) هو بتحتانية ومهملة خفيفة ، وأبوه بنون مصغر ; ويسار مدني سكن الكوفة وكان مولى عمر وخازنه ، وله رواية عن عمر وعن غيره . وروى عنه أبو وائل وهو من أقرانه ، nindex.php?page=showalam&ids=11936وأبو بردة بن أبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبو إسحاق السبيعي ، وهو موثق ولم أر له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلا هذا الموضع .
قوله : ( فرأى في صفته ) بضم المهملة وتشديد الفاء في رواية منصور عن أبي الضحى عند مسلم " كنت مع مسروق في بيت فيه تماثيل فقال لي مسروق هذه تماثيل كسرى ، فقلت : لا هذه تماثيل مريم " كأن مسروقا ظن أن التصوير كان من مجوسي ، وكانوا يصورون صورة ملوكهم حتى في الأواني ، فظهر أن التصوير كان من نصراني لأنهم يصورون صورة مريم والمسيح وغيرهما ويعبدونها .
قوله : ( سمعت nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله ) هو ابن مسعود وفي رواية منصور فقال : " أما إني سمعت nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود " .
قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=842776إن أشد الناس عذابا عند الله المصورون ) وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في مسنده عن سفيان يوم القيامة بدل قوله : عند الله وكذا هو في مسند nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر عن سفيان ، وأخرجه عن nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريقه ، فلعل nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي حدث به على الوجهين بدليل ما وقع في الترجمة ، أو لما حدث به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حدث به بلفظ " عند الله " والترجمة مطابقة للفظ الذي في حديث ابن عمر ثاني حديثي الباب ، والمراد بقوله " عند الله " حكم الله . ووقع عند مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش أن من أشد الناس واختلف نسخه ففي بعضها " المصورين " وهي للأكثر وفي بعضها " المصورون " وهي لأحمد عن أبي معاوية أيضا ، ووجهت بأن " من " زائدة واسم إن أشد ، ووجهها ابن مالك على حذف ضمير الشأن والتقدير أنه من أشد الناس إلخ . وقد استشكل كون [ ص: 397 ] المصور أشد الناس عذابا مع قوله - تعالى - : nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46أدخلوا آل فرعون أشد العذاب فإنه يقتضي أن يكون المصور أشد عذابا من آل فرعون ، وأجاب الطبري بأن المراد هنا من nindex.php?page=treesubj&link=10040_23994يصور ما يعبد من دون الله وهو عارف بذلك قاصدا له فإنه يكفر بذلك ، فلا يبعد أن يدخل مدخل آل فرعون وأما من لا يقصد ذلك فإنه يكون عاصيا بتصويره فقط . وأجاب غيره بأن الرواية بإثبات " من " ثابتة وبحذفها محمولة عليها ، وإذا كان من يفعل التصوير من أشد الناس عذابا كان مشتركا مع غيره ، وليس في الآية ما يقتضي اختصاص آل فرعون بأشد العذاب بل هم في العذاب الأشد ، فكذلك غيرهم يجوز أن يكون في العذاب الأشد ، وقوى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ذلك بما أخرجه من وجه آخر عن ابن مسعود رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=842777إن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي ، وإمام ضلالة ، وممثل من الممثلين وكذا أخرجه أحمد . وقد وقع بعض هذه الزيادة في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر التي أشرت إليها فاقتصر على المصور وعلى من قتله نبي ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أيضا من حديث عائشة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=842778أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل هجا رجلا فهجا القبيلة بأسرها قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : فكل واحد من هؤلاء يشترك مع الآخر في شدة العذاب . وقال أبو الوليد بن رشد في " مختصر مشكل nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي " ما حاصله : إن الوعيد بهذه الصيغة إن ورد في حق كافر فلا إشكال فيه لأنه يكون مشتركا في ذلك مع آل فرعون ويكون فيه دلالة على عظم كفر المذكور ، وإن ورد في حق عاص فيكون أشد عذابا من غيره من العصاة ويكون ذلك دالا على عظم المعصية المذكورة . وأجاب القرطبي في " المفهم " بأن الناس الذين أضيف إليهم أشد لا يراد بهم كل الناس بل بعضهم وهم من يشارك في المعنى المتوعد عليه بالعذاب ، ففرعون أشد الناس الذين ادعوا الإلهية عذابا ، ومن يقتدى به في ضلالة كفره أشد عذابا ممن يقتدى به في ضلالة فسقه ، ومن صور صورة ذات روح للعبادة أشد عذابا ممن يصورها لا للعبادة . واستشكل ظاهر الحديث أيضا بإبليس وبابن آدم الذي سن القتل ، وأجيب بأنه في إبليس واضح ، ويجاب بأن المراد بالناس من ينسب إلى آدم ، وأما في ابن آدم فأجيب بأن الثابت في حقه أن عليه مثل أوزار من يقتل ظلما ، ولا يمتنع أن يشاركه في مثل تعذيبه من ابتدأ الزنا مثلا فإن عليه مثل أوزار من يزني بعده لأنه أول من سن ذلك ، ولعل عدد الزناة أكثر من القاتلين . قال النووي قال العلماء : nindex.php?page=treesubj&link=33358تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد ، وسواء صنعه لما يمتهن أم لغيره فصنعه حرام بكل حال ، وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها ، فأما nindex.php?page=treesubj&link=33355تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام . قلت : ويؤيد التعميم فيما له ظل وفيما لا ظل له ما أخرجه أحمد من حديث علي " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503880أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثنا إلا كسره ولا صورة إلا لطخها أي طمسها " الحديث ، وفيه nindex.php?page=hadith&LINKID=842779من عاد إلى صنعة شيء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : إنما عظمت nindex.php?page=treesubj&link=10040_23994عقوبة المصور لأن الصور كانت تعبد من دون الله ; ولأن النظر إليها يفتن ، وبعض النفوس إليها تميل . قال : والمراد بالصور هنا التماثيل التي لها روح وقيل : يفرق بين العذاب والعقاب ، فالعذاب يطلق على ما يؤلم من قول أو فعل كالعتب والإنكار ، والعقاب يختص بالفعل فلا يلزم من كون المصور أشد الناس عذابا أن يكون أشد الناس عقوبة . هكذا ذكره الشريف المرتضى في " الغرر " وتعقب بالآية المشار إليها وعليها انبنى الإشكال ، ولم يكن هو عرج عليها ، فلهذا ارتضى التفرقة ، والله أعلم . واستدل به أبو علي الفارسي في " التذكرة " على nindex.php?page=treesubj&link=23994_28717_28838تكفير المشبهة فحمل الحديث عليهم وأنهم المراد بقوله المصورون أي الذين يعتقدون أن لله صورة . وتعقب بالحديث الذي بعده في الباب بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=842780إن الذين يصنعون هذه الصورة يعذبون وبحديث عائشة الآتي بعد بابين بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=842781إن أصحاب هذه الصور يعذبون وغير ذلك ، ولو سلم له استدلاله لم يرد عليه الإشكال المقدم ذكره . وخص بعضهم الوعيد الشديد بمن [ ص: 398 ] صور قاصدا أن يضاهي ، فإنه يصير بذلك القصد كافرا ، وسيأتي في " باب ما وطئ من التصاوير " بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=842782أشد الناس عذابا الذين يضاهون بخلق الله - تعالى - وأما من عداه فيحرم عليه ويأثم ، لكن إثمه دون إثم المضاهي . قلت : وأشد منه من يصور ما يعبد من دون الله كما تقدم . وذكر القرطبي أن أهل الجاهلية كانوا يعملون الأصنام من كل شيء حتى إن بعضهم عمل صنمه من عجوة ثم جاع فأكله . الحديث الثاني .