الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5733 حدثنا محمد بن صباح حدثنا إسماعيل بن زكرياء حدثنا عاصم قال قلت لأنس بن مالك أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حلف في الإسلام فقال قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا إسماعيل بن زكريا ) لمحمد بن الصباح فيه شيخ آخر ، فإن مسلما أخرجه عنه عن حفص بن غياث عن عاصم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عاصم ) هو ابن سليمان الأحول .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت لأنس بن مالك أبلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا حلف في الإسلام فقال : قد حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في داري ) ووقع في رواية أبي داود من رواية سفيان بن عيينة عن عاصم قال " سمعت أنس بن مالك يقول حالف " فذكره بلفظ المهاجرين بدل قريش ، فقيل له أليس قال لا حلف في الإسلام ؟ قال : قد حالف فذكر مثله وزاد مرتين أو ثلاثا ، وأخرجه مسلم بنحوه مختصرا ، وعرف من رواية الباب تسمية السائل عن ذلك ، وذكره المصنف في الاعتصام مختصرا خاليا عن السؤال وزاد في آخره " وقنت شهرا يدعو على أحياء من بني سليم " وحديث القنوت من طريق عاصم مضى في الوتر وغيره . وأما الحديث المسئول عنه فهو حديث صحيح أخرجه مسلم عن جبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة وأخرجه الترمذي من حديث [ ص: 518 ] عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ولفظه [1] وأخرج البخاري في " الأدب المفرد " عن عبد الله بن أبي أوفى نحوه باختصار ، وأخرج أيضا أحمد وأبو يعلى وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا شهدت مع عمومتي حلف المطيبين ، فما أحب أن أنكثه وحلف المطيبين كان قبل المبعث بمدة ، ذكره ابن إسحاق وغيره ، وكان جمع من قريش اجتمعوا فتعاقدوا على أن ينصروا المظلوم وينصفوا بين الناس ونحو ذلك من خلال الخير ، واستمر ذلك بعد المبعث ، ويستفاد من حديث عبد الرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في الإسلام ، وإلى ذلك الإشارة في حديث جبير بن مطعم . وتضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث لأن فيه نفي الحلف وفيما قاله هو إثباته ، ويمكن الجمع بأن المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها ومن التوارث ونحو ذلك ، والمثبت ما عدا ذلك من نصر المظلوم والقيام في أمر الدين ونحو ذلك من المستحبات الشرعية كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد ، وقد تقدم حديث ابن عباس في نسخ التوارث بين المتعاقدين ، وذكر الداودي أنهم كانوا يورثون الحليف السدس دائما فنسخ ذلك . وقال ابن عيينة : حمل العلماء قول أنس " حالف " على المؤاخاة . قلت : لكن سياق عاصم عنه يقتضي أنه أراد المحالفة حقيقة ، وإلا كان الجواب مطابقا ، وترجمة البخاري ظاهرة في المغايرة بينهما وتقدم في الهجرة إلى المدينة " باب كيف آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه " وذكر الحديثين المذكورين هنا أولا ولم يذكر حديث الحلف ، وتقدم ما يتعلق بالمؤاخاة هناك . قال النووي : المنفي حلف التوارث وما يمنع منه الشرع ، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم والمؤاخاة في الله - تعالى - فهو أمر مرغب فيه .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 519 ]



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية