الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وقال nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية لا حكيم إلا ذو تجربة
5782 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عن nindex.php?page=showalam&ids=16581عقيل عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=655668عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال nindex.php?page=treesubj&link=19511لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين
قوله : ( باب nindex.php?page=treesubj&link=25969لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) اللدغ بالدال المهملة والغين المعجمة ما يكون من ذوات السموم ، واللذع بالذال المعجمة والعين المهملة ما يكون من النار ، وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الطب ، والجحر بضم الجيم وسكون المهملة .
قوله : ( وقال معاوية لا حكيم إلا بتجربة ) كذا للأكثر بوزن عظيم ، وفي رواية الأصيلي " إلا ذو تجربة " ، وفي رواية أبي ذر عن غير الكشميهني " لا حلم " بكسر المهملة وسكون اللام " إلا بتجربة " وفي رواية الكشميهني " إلا لذي تجربة " وهذا الأثر وصله أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن عيسى بن يونس عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه قال : " قال معاوية : لا حلم إلا بالتجارب " وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " الأدب المفرد " من طريق علي بن مسهر عن هشام عن أبيه قال : " كنت جالسا عند معاوية فحدث نفسه ثم انتبه فقال : لا حليم إلا ذو تجربة . قالها ثلاثا " وأخرج من حديث أبي سعيد مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=843197nindex.php?page=treesubj&link=19547لا حليم إلا ذو عثرة ، ولا حكيم إلا ذو تجربة وأخرجه أحمد وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : معناه : لا يحصل الحلم حتى يرتكب الأمور ويعثر فيها فيعتبر بها ويستبين مواضع الخطأ ويجتنبها . وقال غيره : المعنى لا يكون حليما كاملا إلا من وقع في زلة وحصل منه خطأ فحينئذ يخجل ، فينبغي لمن كان كذلك أن يستر من رآه على عيب فيعفو عنه ، وكذلك من جرب الأمور علم نفعها وضررها فلا يفعل شيئا إلا عن حكمة . قال الطيبي : ويمكن أن يكون تخصيص الحليم بذي التجربة للإشارة إلى أن غير الحكيم بخلافه ، وأن الحليم الذي ليس له تجربة قد يعثر في مواضع لا ينبغي له فيها الحلم بخلاف الحليم المجرب ، وبهذا تظهر مناسبة أثر معاوية لحديث الباب ، والله - تعالى - أعلم .
قوله : ( عن ابن المسيب ) في رواية يونس عن الزهري " أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة حدثه " أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " الأدب المفرد " وكذا قال أصحاب الزهري فيه ، وخالفهم صالح بن أبي الأخضر وزمعة بن صالح وهما ضعيفان فقالا : " عن الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من طريق المعافى بن عمران عن زمعة وابن أبي الأخضر ، واستغربه من حديث المعافى قال : وأما زمعة فقد رواه عنه أيضا أبو نعيم . قلت : أخرجه أحمد عنه ، ورواه عن زمعة أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده nindex.php?page=showalam&ids=11798وأبو أحمد الزبيري أخرجه ابن ماجه .
قوله : ( لا يلدغ ) هو بالرفع على صيغة الخبر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هذا لفظه خبر ومعناه أمر ، أي ليكن المؤمن [ ص: 547 ] حازما حذرا لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى ، وقد يكون ذلك في أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا وهو أولاهما بالحذر ، وقد روي بكسر الغين في الوصل فيتحقق معنى النهي عنه ، قال ابن التين : وكذلك قرأناه ، قيل : معنى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين أن nindex.php?page=treesubj&link=29468من أذنب ذنبا فعوقب به في الدنيا لا يعاقب به في الآخرة . قلت : إن أراد قائل هذا أن عموم الخبر يتناول هذا فيمكن وإلا فسبب الحديث يأبى ذلك ، ويؤيده قول من قال : فيه تحذير من التغفيل ، وإشارة إلى استعمال الفطنة . وقال أبو عبيد : معناه ولا ينبغي للمؤمن إذا نكب من وجه أن يعود إليه . قلت وهذا هو الذي فهمه الأكثر ومنهم الزهري راوي الخبر ، فأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريق سعيد بن عبد العزيز قال : " قيل للزهري لما قدم من عند هشام بن عبد الملك : ماذا صنع بك ؟ قال : أوفى عني ديني ، ثم قال : يا ابن شهاب تعود تدان ؟ قلت : لا " وذكر الحديث . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي بعد تخريجه : لا يعاقب في الدنيا بذنب فيعاقب به في الآخرة ، وحمله غيره على غير ذلك . قيل : المراد بالمؤمن في هذا الحديث الكامل الذي قد أوقفته معرفته على غوامض الأمور حتى صار يحذر مما سيقع . وأما المؤمن المغفل فقد يلدغ مرارا .
قوله : ( من جحر ) زاد في رواية الكشميهني والسرخسي ( واحد ) ووقع في بعض النسخ من جحر حية وهي زيادة شاذة . قال ابن بطال : وفيه أدب شريف أدب به النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته ونبههم كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته ، وفي معناه حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=843198nindex.php?page=treesubj&link=25971المؤمن كيس حذر أخرجه صاحب " مسند الفردوس " من حديث أنس بسند ضعيف قال : وهذا الكلام مما لم يسبق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأول ما nindex.php?page=hadith&LINKID=843199قاله لأبي عزة الجمحي وكان شاعرا فأسر ببدر فشكا عائلة وفقرا فمن عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطلقه بغير فداء ، فظفر به بأحد فقال من علي وذكر فقره وعياله فقال : لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين ، وأمر به فقتل . وأخرج قصته ابن إسحاق في المغازي بغير إسناد . وقال ابن هشام في " تهذيب السيرة " بلغني عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حينئذ nindex.php?page=hadith&LINKID=843200لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وصنيع أبي عبيد في كتاب الأمثال مشكل على قول ابن بطال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أول من قال ذلك ، ولذلك قال ابن التين : إنه مثل قديم . وقال التوربشتي : هذا السبب يضعف الوجه الثاني يعني الرواية بكسر الغين على النهي . وأجاب الطيبي بأنه يوجه بأن يكون - صلى الله عليه وسلم - لما رأى من نفسه الزكية الميل إلى الحلم جرد منها مؤمنا حازما فنهاه عن ذلك ، يعني ليس من شيمة المؤمن الحازم الذي يغضب لله أن ينخدع من الغادر المتمرد فلا يستعمل الحلم في حقه ، بل ينتقم منه . ومن هذا قول عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=843201 " ما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها " قال فيستفاد من هذا أن nindex.php?page=treesubj&link=19547الحلم ليس محمودا مطلقا ، كما أن الجود ليس محمودا مطلقا ، وقد قال - تعالى - في وصف الصحابة nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29أشداء على الكفار رحماء بينهم قال وعلى الوجه الأول وهو الرواية بالرفع فيكون إخبارا محضا لا يفهم هذا الغرض المستفاد من هذه الرواية ، فتكون الرواية بصيغة النهي أرجح والله أعلم . قلت : ويؤيده حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=843202احترسوا من الناس بسوء الظن أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط من طريق أنس ، وهو من رواية بقية بالعنعنة عن معاوية بن يحيى وهو ضعيف ، فله علتان ، وصح من قول مطرف التابعي الكبير أخرجه مسدد .