الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الأذان بعد الفجر

                                                                                                                                                                                                        593 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال أخبرتني حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف المؤذن للصبح وبدا الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب الأذان في الفجر ) قال الزين بن المنير : قدم المصنف ترجمة الأذان بعد الفجر على ترجمة الأذان قبل الفجر فخالف الترتيب الوجودي ، لأن الأصل في الشرع أن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت ، فقدم ترجمة الأصل على ما ندر عنه . وأشار ابن بطال إلى الاعتراض على الترجمة بأنه لا خلاف فيه بين الأئمة ، وإنما الخلاف في جوازه قبل الفجر . والذي يظهر لي أن مراد المصنف بالترجمتين أن يبين أن المعنى الذي كان يؤذن لأجله قبل الفجر غير المعنى الذي كان يؤذن لأجله بعد الفجر ، وأن الأذان قبل الفجر لا يكتفى به عن الأذان بعده ، وأن أذان ابن أم مكتوم لم يكن يقع قبل الفجر ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 121 ] قوله : ( كان إذا اعتكف المؤذن للصبح ) هكذا وقع عند جمهور رواة البخاري وفيه نظر ، وقد استشكله كثير من العلماء ، ووجهه بعضهم كما سيأتي ، والحديث في الموطأ عند جميع رواته بلفظ " كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح " وكذا رواه مسلم وغيره وهو الصواب ، وقد أصلح في رواية ابن شبويه عن الفربري كذلك ، وفي رواية الهمداني " كان إذا أذن " بدل اعتكف ، وهي أشبه بالرواية المصوبة . ووقع في رواية النسفي عن البخاري بلفظ كان إذا اعتكف وأذن المؤذن وهو يقتضي أن صنيعه ذلك كان مختصا بحال اعتكافه ، وليس كذلك ، والظاهر أنه من إصلاحه . وقد أطلق جماعة من الحفاظ القول بأن الوهم فيه من عبد الله بن يوسف شيخ البخاري ، ووجه ابن بطال وغيره بأن معنى " اعتكف المؤذن " أي لازم ارتقابه ونظره إلى أن يطلع الفجر ليؤذن عند أول إدراكه . قالوا : وأصل العكوف لزوم الإقامة بمكان واحد ، وتعقب بأنه يلزم منه أنه كان لا يصليهما إلا إذا وقع ذلك من المؤذن لما يقتضيه مفهوم الشرط ، وليس كذلك لمواظبته عليهما مطلقا ، والحق أن لفظ " اعتكف " محرف من لفظ " سكت " وقد أخرجه المؤلف في باب الركعتين بعد الظهر من طريق أيوب عن نافع بلفظ " كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبدا الصبح ) بغير همز أي ظهر ، وأغرب الكرماني فصحح أنه بالنون المكسورة والهمزة بعد المد ، وكأنه ظن أنه معطوف على قوله " للصبح " فيكون التقدير واعتكف لنداء الصبح ، وليس كذلك فإن الحديث في جميع النسخ من الموطأ والبخاري ومسلم وغيرها بالباء الموحدة المفتوحة وبعد الدال ألف مقصورة والواو فيه واو الحال لا واو العطف ، وبذلك تتم مطابقة الحديث للترجمة ، وسيأتي بقية الكلام عليه في أبواب التطوع إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية