الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
843 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري قال أخبرني أبي عن ابن وديعة عن nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي قال nindex.php?page=hadith&LINKID=650834قال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=30496_30524_283_947_969_968_980لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى
[ ص: 431 ]
[ ص: 431 ] قوله : ( باب الدهن للجمعة ) أي استعمال الدهن ، ويجوز أن يكون بفتح الدال فلا يحتاج إلى تقدير .
قوله : ( عن ابن وديعة ) هو عبد الله ، سماه أبو علي الحنفي عن ابن أبي ذئب بهذا الإسناد عند الدارمي ، وليس له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري غير هذا الحديث ، وهو تابعي جليل ، وقد ذكره ابن سعد في الصحابة ، وكذا ابن منده ، وعزاه لأبي حاتم . ومستندهم أن بعض الرواة لم يذكر بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أحدا ، لكنه لم يصرح بسماعه ، فالصواب إثبات الواسطة . وهذا من الأحاديث التي تتبعها nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني على nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وذكر أنه اختلف فيه على سعيد المقبري فرواه ابن أبي ذئب عنه هكذا ، ورواه ابن عجلان عنه فقال : عن أبي ذر بدل سلمان ، وأرسله أبو معشر عنه فلم يذكر سلمان ولا أبا ذر ، ورواه عبيد الله العمري عنه فقال : عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة اهـ . ورواية ابن عجلان المذكور عند ابن ماجه ورواية أبي معشر عند nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ورواية العمري عند أبي يعلى ، فأما ابن عجلان فهو دون ابن أبي ذئب في الحفظ فروايته مرجوحة ، مع أنه يحتمل أن يكون ابن وديعة سمعه من أبي ذر وسلمان جميعا ، ويرجح كونه عن سلمان وروده من وجه آخر عنه ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وابن خزيمة من طريق علقمة بن قيس عن قرثع الضبي ، وهو بقاف مفتوحة وراء ساكنة ثم مثلثة ، قال : وكان من القراء الأولين ، وعن سلمان نحوه ورجاله ثقات ، وأما أبو معشر فضعيف ، وقد قصر فيه بإسقاط الصحابي ، وأما العمري فحافظ وقد تابعه صالح بن كيسان عن سعيد عند nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ، وكذا أخرجه عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن رجل عن سعيد ، وأخرجه ابن السكن من وجه آخر عن عبد الرزاق وزاد فيه مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عمارة بن عامر الأنصاري اهـ .
وقوله " ابن عامر " خطأ ، فقد رواه الليث عن ابن عجلان عن سعيد فقال " عمارة بن عمرو بن حزم " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ، [ ص: 432 ] وبين الضحاك بن عثمان عن سعيد أن عمارة إنما سمعه من سلمان ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي . وأفاد في هذه الرواية أن سعيدا حضر أباه لما سمع هذا الحديث من ابن وديعة ، وساقه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية حماد بن مسعدة وقاسم بن يزيد الجرمي كلاهما عن ابن أبي ذئب عن سعيد عن ابن وديعة ليس فيه عن أبيه ، فكأنه سمعه مع أبيه من ابن وديعة ، ثم استثبت أباه فيه فكان يرويه على الوجهين . وإذا تقرر ذلك عرف أن الطريق التي اختارها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أتقن الروايات ، وبقيتها إما موافقة لها أو قاصرة عنها أو يمكن الجمع بينهما . وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق ، فإن ثبت أن لابن وديعة صحبة ففيه تابعيان وصحابيان كلهم من أهل المدينة .
قوله : ( ويتطهر ما استطاع من الطهر ) في رواية الكشميهني " من طهر " والمراد به المبالغة في التنظيف ، ويؤخذ من عطفه على الغسل أن nindex.php?page=treesubj&link=267إفاضة الماء تكفي في حصول الغسل ، أو المراد به التنظيف بأخذ الشارب والظفر والعانة ، أو المراد بالغسل غسل الجسد ، وبالتطهير غسل الرأس .
قوله : ( ويدهن ) المراد به إزالة شعث الشعر به وفيه إشارة إلى nindex.php?page=treesubj&link=971التزين يوم الجمعة .
قوله : ( أو nindex.php?page=treesubj&link=969يمس من طيب بيته ) أي إن لم يجد دهنا ، ويحتمل أن يكون " أو " بمعنى الواو ، وإضافته إلى البيت تؤذن بأن السنة أن يتخذ المرء لنفسه طيبا ويجعل استعماله له عادة فيدخره في البيت . كذا قال بعضهم بناء على أن المراد بالبيت حقيقته ، لكن في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود nindex.php?page=hadith&LINKID=884866أو يمس من طيب امرأته فعلى هذا فالمعنى إن لم يتخذ لنفسه طيبا فليستعمل من طيب امرأته ، وهو موافق لحديث أبي سعيد الماضي ذكره عند مسلم حيث قال فيه nindex.php?page=hadith&LINKID=884843ولو من طيب المرأة . وفيه أن بيت الرجل يطلق ويراد به امرأته . وفي حديث عبد الله بن عمرو المذكور من الزيادة nindex.php?page=hadith&LINKID=884867ويلبس من صالح ثيابه . وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا .
قوله : ( ثم يخرج ) زاد في حديث أبي أيوب عند nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة " إلى المسجد " nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=hadith&LINKID=884868ثم يمشي وعليه السكينة .
قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=884869فلا يفرق بين اثنين ) في حديث عبد الله بن عمرو المذكور nindex.php?page=hadith&LINKID=884870ثم لم يتخط رقاب الناس . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=hadith&LINKID=884871ولم يتخط أحدا ولم يؤذه .
قوله : ( ثم يصلي ما كتب له ) في حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=hadith&LINKID=884872ثم يركع ما قضي له وفي حديث أبي أيوب nindex.php?page=hadith&LINKID=884873فيركع إن بدا له .
قوله : ( ثم nindex.php?page=treesubj&link=948nindex.php?page=hadith&LINKID=884874ينصت إذا تكلم الإمام ) زاد في رواية قرثع الضبي nindex.php?page=hadith&LINKID=884875حتى يقضي صلاته ونحوه في حديث أبي أيوب .
قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=884876غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ) في رواية قاسم بن يزيد nindex.php?page=hadith&LINKID=884877حط عنه ذنوب ما بينه وبين الجمعة الأخرى والمراد بالأخرى التي مضت ، بينه الليث عن ابن عجلان في روايته عند nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=884878غفر له ما بينه وبين الجمعة التي قبلها ، nindex.php?page=showalam&ids=13053ولابن حبان من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=884876غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها وهذه الزيادة أيضا في رواية سعيد عن عمارة عن سلمان ، لكن لم يقل من التي بعدها ، وأصله عند مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة [ ص: 433 ] باختصار وزاد ابن ماجه في رواية أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=884879ما لم يغش الكبائر ونحوه لمسلم . وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا كراهة nindex.php?page=treesubj&link=983التخطي يوم الجمعة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بذلك اهـ . وهذا يدخل فيه الإمام ومن يريد وصل الصف المنقطع إن أبى السابق من ذلك ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة كما تقدم ، واستثنى المتولي من الشافعية من يكون معظما لدينه أو علمه أو ألف مكانا يجلس فيه أنه لا كراهة في حقه ، وفيه نظر ، وكان مالك يقول : لا يكره التخطي إلا إذا كان الإمام على المنبر . وفيه مشروعية nindex.php?page=treesubj&link=986النافلة قبل صلاة الجمعة لقوله صلى nindex.php?page=hadith&LINKID=884880ما كتب له ثم قال ثم ينصت إذا تكلم الإمام فدل على تقدم ذلك على الخطبة ، وقد بينه أحمد من حديث نبيشة الهذلي بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=884881فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له " وفيه جواز nindex.php?page=treesubj&link=986_988النافلة نصف النهار يوم الجمعة ، واستدل به على أن التبكير ليس من ابتداء الزوال لأن خروج الإمام يعقب الزوال فلا يسع وقتا يتنفل فيه .
وتبين بمجموع ما ذكرنا أن nindex.php?page=treesubj&link=26391تكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة مشروط بوجود جميع ما تقدم من غسل وتنظيف وتطيب أو دهن ولبس أحسن الثياب والمشي بالسكينة وترك التخطي والتفرقة بين الاثنين وترك الأذى والتنفل والإنصات وترك اللغو . ووقع في حديث عبد الله بن عمرو " nindex.php?page=hadith&LINKID=884882فمن تخطى أو لغا كانت له ظهرا " ودل التقييد بعدم غشيان الكبائر على أن الذي يكفر من الذنوب هو الصغائر فتحمل المطلقات كلها على هذا المقيد ، وذلك أن معنى قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=884883ما لم تغش الكبائر أي فإنها إذا غشيت لا تكفر ، وليس المراد أن تكفير الصغائر شرطه اجتناب الكبائر إذ اجتناب الكبائر بمجرده يكفرها كما نطق به القرآن ، ولا يلزم من ذلك أن لا يكفرها إلا اجتناب الكبائر ، وإذا لم يكن للمرء صغائر تكفر رجي له أن يكفر عنه بمقدار ذلك من الكبائر ، وإلا أعطي من الثواب بمقدار ذلك ، وهو جار في جميع ما ورد في نظائر ذلك ، والله أعلم .