الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1048 حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال حدثني جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته نحو المشرق فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا هشام ) هو الدستوائي ، ويحيى هو ابن أبي كثير . قال المهلب : هذه الأحاديث تخص قوله تعالى : وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وتبين أن قوله تعالى : فأينما تولوا فثم وجه الله في النافلة ، وقد أخذ بمضمون هذه الأحاديث فقهاء الأمصار ، إلا أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة ، والحجة لذلك حديث الجارود بن أبي سبرة عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يتطوع في السير استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث وجهت ركابه أخرجه أبو داود وأحمد والدراقطني ، واختلفوا في الصلاة على الدواب في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فذهب الجمهور إلى جواز ذلك في كل سفر ، غير مالك فخصه بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة ، قال الطبري : لا أعلم أحدا وافقه على ذلك . قلت : ولم يتفق على ذلك عنه ، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره - صلى الله عليه وسلم - ، ولم ينقل عنه أنه سافر سفرا قصيرا فصنع ذلك ، وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك ، واحتج الطبري للجمهور من طريق النظر أن الله تعالى جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر ، وقد أجمعوا على أن من كان خارج المصر على ميل أو أقل ونيته العود إلى منزله لا إلى سفر آخر ولم يجد ماء أنه يجوز له التيمم ، وقال : فكما جاز له التيمم في هذا القدر جاز له النفل على الدابة لاشتراكهما في الرخصة ا هـ .

                                                                                                                                                                                                        وكأن السر فيما ذكر تيسير تحصيل النوافل على العباد وتكثيرها تعظيما لأجورهم رحمة من الله بهم . وقد طرد أبو يوسف ومن وافقه التوسعة في ذلك فجوزه في الحضر أيضا ، وقال به من الشافعية أبو سعيد الإصطخري ، واستدل بقوله حيث كان وجهه على أن جهة الطريق تكون بدلا عن القبلة حتى لا يجوز الانحراف عنها عامدا قاصدا لغير حاجة المسير إلا إن كان سائرا في غير جهة القبلة فانحرف إلى جهة القبلة فإن ذلك لا يضره على الصحيح ، واستدل به على أن الوتر غير واجب عليه - صلى الله عليه وسلم - لإيقاعه إياه على الراحلة كما تقدم البحث فيه في " باب الوتر في السفر " من أبواب الوتر ، واستنبط من دليل التنفل للراكب جواز التنفل للماشي ، ومنعه مالك من أنه أجازه لراكب السفينة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية