الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
164 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف قال أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=12لعبد الله بن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=650161يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها قال وما هي يا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال nindex.php?page=treesubj&link=23441_26223_32579_3284_3280_3544رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين ورأيتك تلبس النعال السبتية ورأيتك تصبغ بالصفرة ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية قال عبد الله أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعل التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته
[ ص: 322 ]
[ ص: 322 ] قوله : ( باب غسل الرجلين في النعلين ) ليس في الحديث الذي ذكره تصريح بذلك وإنما هو مأخوذ من قوله : " يتوضأ فيها " لأن nindex.php?page=treesubj&link=57_7الأصل في الوضوء هو الغسل ، ولأن قوله " فيها " يدل على الغسل ، ولو أريد المسح لقال عليها .
قوله : ( ولا يمسح على النعلين ) أي : لا يكتفى بالمسح عليهما كما في الخفين ، وأشار بذلك إلى ما روي عن علي وغيره من الصحابة أنهما مسحوا على نعالهم في الوضوء ثم صلوا ، وروي في ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود وغيره من حديث المغيرة بن شعبة لكن ضعفه عبد الرحمن بن مهدي وغيره من الأئمة ، واستدل nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي على عدم الإجزاء بالإجماع على أن nindex.php?page=treesubj&link=26893الخفين إذا تخرقا حتى تبدو القدمان أن المسح لا يجزئ عليهما ، قال : فكذلك النعلان لأنهما لا يفيدان القدمين ، انتهى . وهو استدلال صحيح ; لكنه منازع في نقل الإجماع المذكور ، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة ، ولكن نشير إلى ملخص منها : فقد تمسك من اكتفى بالمسح بقوله تعالى وأرجلكم عطفا على nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم فذهب إلى ظاهرها جماعة من الصحابة والتابعين ، فحكي عن ابن عباس في رواية ضعيفة والثابت عنه خلافه ، وعن عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وقتادة ، وهو قول الشيعة . وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري الواجب الغسل أو المسح ، وعن بعض أهل الظاهر يجب الجمع بينهما ، وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة المذكورة وغيرها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه بيان للمراد ، وأجابوا عن الآية بأجوبة منها أنه قرئ وأرجلكم بالنصب عطفا على أيديكم ، وقيل معطوف على محل برءوسكم كقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=10يا جبال أوبي معه والطير بالنصب . وقيل المسح في الآية محمول لمشروعية المسح على الخفين فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين وقراءة النصب على غسل الرجلين ، وقرر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي تقريرا حسنا فقال ما ملخصه : بين القراءتين تعارض ظاهر ، والحكم فيما ظاهره التعارض أنه إن أمكن العمل بهما وجب ، وإلا عمل بالقدر الممكن ، ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة لأنه يؤدي إلى تكرار المسح لأن الغسل يتضمن المسح ، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار [ ص: 323 ] فبقي أن يعمل بهما في حالين توفيقا بين القراءتين وعملا بالقدر الممكن .
وقيل : إنما عطفت على الرءوس الممسوحة لأنها مظنة لكثرة صب الماء عليها فلمنع الإسراف عطفت ، وليس المراد أنها تمسح حقيقة . ويدل على هذا المراد قوله : إلى الكعبين لأن المسح رخصة فلا يقيد بالغاية ; ولأن المسح يطلق على الغسل الخفيف ، يقال : مسح أطرافه . لمن توضأ ، ذكره أبو زيد اللغوي وابن قتيبة وغيرهما .
قوله : ( عبيد بن جريج ) هو مدني مولى بني تميم ، وليس بينه وبين nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج الفقيه المكي مولى بني أمية نسب ، وقد تقدم في المقدمة أن الفقيه هو nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج فقد يظن أن هذا عمه وليس كذلك ، وهذا الإسناد كله مدنيون ، وفيه رواية الأقران لأن عبيدا وسعيدا تابعيان من طبقة واحدة .
قوله : ( أربعا ) أي أربع خصال .
قوله : ( لم أر أحدا من أصحابك ) أي : أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمراد بعضهم ، والظاهر من السياق انفراد ابن عمر بما ذكر دون غيره ممن رآهم عبيد . وقال المازري : يحتمل أن يكون مراده لا يصنعهن غيرك مجتمعة وإن كان يصنع بعضها .
قوله : ( الأركان ) أي أركان الكعبة الأربعة ، وظاهره أن غير ابن عمر من الصحابة الذين رآهم عبيد كانوا يستلمون الأركان كلها ، وقد صح ذلك عن معاوية وابن الزبير ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة في الحج إن شاء الله تعالى .
قوله : ( السبتية ) بكسر المهملة هي التي لا شعر فيها ، مشتقة من السبت وهو الحلق قاله في التهذيب ، وقيل : السبت جلد البقر المدبوغ بالقرظ ، وقيل بالسبت بضم أوله وهو نبت يدبغ به قاله صاحب المنتهى ، وقال الهروي : قيل لها سبتية لأنها انسبتت بالدباغ أي : لانت به ، يقال رطبة منسبتة أي : لينة .
قوله : ( تصبغ ) بضم الموحدة وحكي فتحها وكسرها ، وهل المراد صبغ الثوب أو الشعر ؟ يأتي الكلام على ذلك حيث ذكره المصنف في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى .
قوله : ( أهل الناس ) أي : رفعوا أصواتهم بالتلبية من أول ذي الحجة .
قوله : ( ولم تهل أنت حتى كان ) ولمسلم حتى يكون ( يوم التروية ) أي : الثامن من ذي الحجة ، ومراده فتهل أنت حينئذ . وتبين من جواب ابن عمر أنه كان لا يهل حتى يركب قاصدا إلى منى ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة أيضا في الحج إن شاء الله تعالى .
قوله : ( قال عبد الله ) أي : ابن عمر مجيبا لعبيد . وللمصنف في اللباس " فقال له عبد الله بن عمر " .
قوله : ( اليمانيين ) تثنية يمان والمراد بهما الركن الأسود والذي يسامته من مقابلة الصفا ، وقيل للأسود يمان تغليبا .
قوله : ( فإني أحب أن أصبغ ) nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني والباقين " فأنا أحب " كالتي قبلها ، وسيأتي باقي الكلام على هذا الحديث في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى .