الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى

                                                                                                                                                                                                        318 حدثنا محمد هو ابن سلام قال أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن حفصة قالت كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين فقدمت امرأة فنزلت قصر بني خلف فحدثت عن أختها وكان زوج أختها غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة وكانت أختي معه في ست قالت كنا نداوي الكلمى ونقوم على المرضى فسألت أختي النبي صلى الله عليه وسلم أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج قال لتلبسها صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير ودعوة المسلمين فلما قدمت أم عطية سألتها أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت بأبي نعم وكانت لا تذكره إلا قالت بأبي سمعته يقول يخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور والحيض وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى قالت حفصة فقلت الحيض فقالت أليس تشهد عرفة وكذا وكذا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن ) وفي رواية ابن عساكر " واعتزالهن المصلى " والجمع بالنظر إلى أن الحائض اسم جنس ، أو فيه حذف والتقدير ويعتزلن الحيض كما سيذكر بعد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا محمد ) كذا للأكثر غير منسوب ، ولأبي ذر محمد بن سلام ، ولكريمة محمد هو ابن سلام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عبد الوهاب ) هو الثقفي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عواتقنا ) العواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت ، أو استحقت التزويج ، أو هي الكريمة على أهلها ، أو التي عتقت عن الامتهان في الخروج للخدمة ، وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد العصر الأول من الفساد ، ولم تلاحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم على ما كان عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقدمت امرأة ) لم أقف على تسميتها . وقصر بني خلف كان بالبصرة وهو منسوب إلى طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات وقد ولي إمرة سجستان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فحدثت عن أختها ) قيل هي أم عطية ، وقيل غيرها وعليه مشى الكرماني ، وعلى تقدير أن تكون أم عطية فلم نقف على تسمية زوجها أيضا .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 505 ] قوله : ( ثنتي عشرة ) زاد الأصيلي " غزوة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكانت أختي ) فيه حذف تقديره قالت المرأة وكانت أختي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قالت ) أي الأخت ، والكلمى بفتح الكاف وسكون اللام : جمع كليم أي جريح . قوله : ( من جلبابها ) قيل المراد به الجنس ، أي تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه . وقيل المراد تشركها معها في لبس الثوب الذي عليها ، وهذا ينبني على تفسير الجلباب - وهو بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف - قيل : هو المقنعة أو الخمار أو أعرض منه ، وقيل الثوب الواسع يكون دون الرداء ، وقيل الإزار ، وقيل الملحفة ، وقيل الملاءة ، وقيل القميص .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ودعوة المسلمين ) - في رواية الكشميهني " المؤمنين " وهي موافقة لرواية أم عطية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكانت ) أي أم عطية ( لا تذكره ) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إلا قالت : بأبي ) أي هو مفدى بأبي ، وفي رواية عبدوس بيبي بباء تحتانية بدل الهمزة في الموضعين ، وللأصيلي بفتح الموحدة الثانية مع قلب الهمزة ياء - كعبدوس - لكن فتح ما بعدها كأنه جعله لكثرة الاستعمال واحدا ، ونقل عن الأصيلي أيضا كالأصل لكنه فتح الثانية أيضا ، وقد ذكر ابن مالك هذه الأربعة في شواهد التوضيح ، وقال ابن الأثير : قوله بأبأ أصله بأبي هو ، يقال بأبأت الصبي إذا قلت له أفديك بأبي فقلبوا الياء ألفا كما في " ويلتا " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وذوات الخدور ) بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر بكسرها وسكون الدال ، وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه ، وللأصيلي وكريمة " العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور " على الشك ، وبين العاتق والبكر عموم وخصوص وجهي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويعتزل الحيض المصلى ) بضم اللام هو خبر . بمعنى الأمر ، وفي رواية " ويعتزلن الحيض المصلى " وهو نحو أكلوني البراغيث . وحمل الجمهور الأمر المذكور على الندب ; لأن المصلى ليس بمسجد فيمتنع الحيض من دخوله ، وأغرب الكرماني فقال : الاعتزال واجب ، والخروج والشهود مندوب ، مع كونه نقل عن النووي تصويب عدم وجوبه ، وقال ابن المنير : الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال . فاستحب لهن اجتناب ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقلت : آلحيض ) بهمزة ممدودة ، كأنها تتعجب من ذلك ( فقالت ) أي أم عطية : ( أليس تشهد ) أي الحيض ، وللكشميهني " أليست " وللأصيلي " أليس يشهدن " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكذا وكذا ) أي ومزدلفة ومنى وغيرهما . وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد ، وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب ، وغير ذلك مما سيأتي استيفاؤه في كتاب العيدين إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية