الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا رأت المستحاضة الطهر قال ابن عباس تغتسل وتصلي ولو ساعة ويأتيها زوجها إذا صلت الصلاة أعظم

                                                                                                                                                                                                        324 حدثنا أحمد بن يونس عن زهير قال حدثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي [ ص: 511 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 511 ] قوله : ( باب إذا رأت المستحاضة الطهر ) أي تميز لها دم العرق من دم الحيض ، فسمي زمن الاستحاضة طهرا ; لأنه كذلك بالنسبة إلى زمن الحيض ويحتمل أن يريد به انقطاع الدم ، والأول أوفق للسياق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال ابن عباس تغتسل وتصلي ولو ساعة ) قال الداودي : معناه إذا رأت الطهر ساعة ثم عاودها دم فإنها تغتسل وتصلي . والتعليق المذكور وصله ابن أبي شيبة والدارمي من طريق أنس بن سيرين عن ابن عباس " أنه سأله عن المستحاضة فقال : أما ما رأت الدم البحراني فلا تصلي ، وإذا رأت الطهر ولو ساعة فلتغتسل وتصلي " وهذا موافق للاحتمال المذكور أولا ; لأن الدم البحراني هو دم الحيض .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويأتيها زوجها ) هذا أثر آخر عن ابن عباس أيضا وصله عبد الرزاق وغيره من طريق عكرمة عنه قال " المستحاضة لا بأس أن يأتيها زوجها " ولأبي داود من وجه آخر عن عكرمة قال " كانت أم حبيبة تستحاض وكان زوجها يغشاها " وهو حديث صحيح إن كان عكرمة سمعه منها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إذا صلت ) شرط محذوف الجزاء أو جزاؤه مقدم ، وقوله " الصلاة أعظم " أي من الجماع ، والظاهر أن هذا بحث من البخاري أراد به بيان الملازمة ، أي إذا جازت الصلاة فجواز الوطء أولى ; لأن أمر الصلاة أعظم من أمر الجماع ، ولهذا عقبه بحديث عائشة المختصر من قصة فاطمة بنت أبي حبيش المصرح بأمر المستحاضة بالصلاة ، وقد تقدمت مباحثه في باب الاستحاضة ، وزهير المذكور هنا هو ابن معاوية ، وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه تاما ، وأشار البخاري بما ذكر إلى الرد على من منع وطء المستحاضة ، وقد نقله ابن المنذر عن إبراهيم النخعي والحكم والزهري وغيرهم ، وما استدل به على الجواز ظاهر فيه . وذكر بعض الشراح أن قوله " الصلاة أعظم " من بقية كلام ابن عباس ، وعزاه إلى تخريج ابن أبي شيبة ، وليس هو فيه ، نعم روى عبد الرزاق والدارمي من طريق سالم الأفطس أنه سأل سعيد بن جبير عن المستحاضة أتجامع ؟ قال " الصلاة أعظم من الجماع "




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية