الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب التلاعن في المسجد

                                                                                                                                                                                                        5003 حدثنا يحيى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج قال أخبرني ابن شهاب عن الملاعنة وعن السنة فيها عن حديث سهل بن سعد أخي بني ساعدة أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله أم كيف يفعل فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى الله فيك وفي امرأتك قال فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد فلما فرغا قال كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغا من التلاعن ففارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذاك تفريق بين كل متلاعنين قال ابن جريج قال ابن شهاب فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين وكانت حاملا وكان ابنها يدعى لأمه قال ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله له قال ابن جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي في هذا الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جاءت به أحمر قصيرا كأنه وحرة فلا أراها إلا قد صدقت وكذب عليها وإن جاءت به أسود أعين ذا أليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها فجاءت به على المكروه من ذلك [ ص: 362 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 362 ] قوله ( باب التلاعن في المسجد ) أشار بهذه الترجمة إلى خلاف الحنفية أن اللعان لا يتعين في المسجد وإنما يكون حيث كان الإمام أو حيث شاء .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( حدثنا يحيى ) هو ابن جعفر .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( أخبرني ابن شهاب عن الملاعنة وعن السنة فيها عن حديث سهل بن سعد أخي بني ساعدة ) وقع عند الطبري في أول الإسناد زيادة ، فإنه أخرج من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عكرمة في هذه الآية والذين يرمون أزواجهم نزلت في هلال بن أمية فذكره مختصرا ، قال ابن جريج : وأخبرني ابن شهاب فذكره ، فكأن ابن جريج أشار إلى بيان الاختلاف في الذي نزل ذلك فيه ، وقد ذكرت ما في رواية ابن جريج من الفائدة في الباب الذي قبله .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( قال وكانت حاملا وكان ابنها يدعى لأمه ، قال : ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله لها ) هذه الأقوال كلها أقوال ابن شهاب ، وهو موصول إليه بالسند المبدأ به ، وقد وصله سويد بن سعيد عن مالك عن ابن شهاب عن سهل بن سعد ، قال الدارقطني في " غرائب مالك " : لا أعلم أحدا رواه عن مالك غيره . قلت : وقد تقدم في التفسير من طريق فليح بن سليمان عن الزهري عن سهل ، فذكر قصة المتلاعنين مختصرة وفيه " ففارقها ، فكانت سنة أن يفرق بين المتلاعنين ، وكانت حاملا - إلى قوله - ما فرض الله لها " ، وظاهر أنه من قول سهل مع احتمال أن يكون من قول ابن شهاب كما تقدم ، وهذا صريح في أن اللعان بينهما وقع وهي حامل ، ويتأيد بما في رواية العباس بن سهل بن سعد عن أبيه عند أبي داود " فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعاصم بن عدي : أمسك المرأة عندك حتى تلد " ، وتقدم في أثناء الباب الذي قبله من مرسل مقاتل بن حيان ومن حديث عبد الله بن جعفر أيضا التصريح بذلك . [ ص: 363 ] قوله ( قال ابن جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي في هذا الحديث ) هو موصول بالسند المبدأ به .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( إن جاءت به أحمر ) في رواية أبي داود من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب " أحيمر " بالتصغير ، وفي مرسل سعيد بن المسيب عند الشافعي " أشقر " قال ثعلب المراد بالأحمر الأبيض ، لأن الحمرة إنما تبدو في البياض ، قال : والعرب لا تطلق الأبيض في اللون وإنما تقوله في نعت الطاهر والنقي والكريم ونحو ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( قصيرا كأنه وحرة ) بفتح الواو والمهملة : دويبة تترامى على الطعام واللحم فتفسده ، وهي من نوع الوزغ .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فلا أراها إلا صدقت ) في رواية عباس بن سهل عن أبيه عند أبي داود فهو لأبيه الذي انتفى منه .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وإن جاءت به أسود أعين ذا أليتين ) أي عظيمتين ، ويوضحه ما في رواية أبي داود المذكورة من طريق إبراهيم بن سعد " أدعج العينين عظيم الأليتين " ومثله في رواية الأوزاعي الماضية في التفسير وزاد " خدلج الساقين " والدعج شدة سواد الحدقة والأعين الكبير العين ، وفي رواية عباس بن سهل المذكورة " وإن ولدته قطط الشعر أسود اللسان فهو لابن سحماء " والقطط تفلفل الشعر .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فجاءت به على المكروه من ذلك ) في رواية الأوزاعي " فجاءت به على النعت الذي نعت به رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر " وفي رواية عباس المذكورة " قال عاصم : فلما وقع أخذته إلي فإذا رأسه مثل فروة الحمل الصغير ، ثم أخذت بفقميه فإذا هـو مثل النبعة ، واستقبلني لسانه أسود مثل الثمرة فقلت : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، والحمل بفتح المهملة والميم ولد الضأن ، والنبعة واحدة النبع بفتح النون وسكون الموحدة بعدها مهملة ، وهو شجر يتخذ منه القسي والسهام ، ولون قشره أحمر إلى الصفرة




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية