الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              1085 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا الحسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي فقال رجل يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يعني بليت فقال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله ( النفخة ) أي الثانية ( وفيه الصعقة ) الصوت الهائل يفزع الإنسان والمراد النفخة الأولى أو صعقة موسى عليه الصلاة والسلام وعلى هذا فالنفخة تحتمل الأولى أيضا قوله ( فأكثروا علي إلخ ) تفريع على كون الجمعة من أفضل الأيام قوله ( فإن صلاتكم إلخ ) تعليل للتفريع أي هي معروضة علي كعرض الهدايا على من أهديت إليه فهي من الأعمال الفاضلة ومقربة لكم إلي كما تقرب الهدية المهدي إلى المهدى إليه وإذا كانت بهذه المثابة فينبغي إكثارها في الأوقات الفاضلة فإن العمل [ ص: 337 ] الصالح يزيد فضلا بواسطة فضل الوقت وعلى هذا لا حاجة إلى تقييد العرض بيوم الجمعة كما قيل ا ه قوله ( فقال إلخ ) لا بد هاهنا أولا من تحقيق لفظ أرمت ثم النظر في السؤال والجواب وبيان إطباقهما فأما أرمت بفتح الراء كضربت أصله أرممت من أرم بتشديد الميم إذ صار رميما فحذفوا إحدى الميمين كما في ظلت ولفظه إما على الخطاب أو على الغيبة على أنه مستند إلى العظام وقيل من أرم بتخفيف الميم أي فني وكثيرا ما يروى بتشديد الميم والخطاب فقيل هي لغة ناس من العرب وقيل بل خطأ والصواب سكون تاء التأنيث للعظام أو أرممت بفك الإدغام وأما تحقيق السؤال فوجهه أنهم أعموا الخطاب في قوله : " فإن صلاتكم معروضة " للحاضرين ولمن يأتي بعده - صلى الله عليه وسلم - ورأوا أن الموت في الظاهر مانع من السماع والعرض فسألوا عن كيفية عرض صلاة من يصلي بعد الموت وعلى هذا فقولهم وقد أرمت كناية عن الموت والجواب بقوله - صلى الله عليه وسلم - إن الله حرم إلخ كناية عن كون الأنبياء أحياء في قبورهم أو بيان لما هو خرق للعادة المستمرة بطريق التمثيل أي ليجعلوه مقيسا عليه للعرض بعد الموت الذي هو خلاف العادة المستمرة ويحتمل أن المانع من العرض عندهم فناء البدن لا مجرد الموت ومفارقة الروح البدن لجواز عود الروح إلى البدن ما دام سالما عن التغيير الكثير فأشار - صلى الله عليه وسلم - إلى بقاء بدن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا هو الظاهر للسؤال والجواب (يعني بليت ) بفتح باء وكسر لام أي صرت باليا عتيقا .




                                                                              الخدمات العلمية