الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          75 حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا قال وفي الباب عن عبد الله بن زيد وعلي بن طلق وعائشة وابن عباس وابن مسعود وأبي سعيد قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وهو قول العلماء أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث يسمع صوتا أو يجد ريحا وقال عبد الله بن المبارك إذا شك في الحدث فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقانا يقدر أن يحلف عليه وقال إذا خرج من قبل المرأة الريح وجب عليها الوضوء وهو قول الشافعي وإسحق [ ص: 208 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 208 ] قوله : ( إذا كان أحدكم في المسجد ) قيل يوهم أن حكم غير المسجد بخلاف المسجد لكن أشير به إلى أن الأصل أن يصلي في المسجد لأنه مكانها فعلى المؤمن ملازمة الجماعات في المسجد ( فوجد ريحا بين أليتيه ) تثنية الألية قال في القاموس : الألية : العجزة أو ما ركب العجز من لحم أو شحم ، وفي رواية مسلم " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا " .

                                                                                                          ( فلا يخرج ) من المسجد للتوضؤ ( حتى يسمع صوتا ) أي صوت ريح خرج منه ( أو يجد ريحا ) أي يجد رائحة ريح خرجت منه ، قال في شرح السنة : معناه حتى يتيقن الحدث لا لأن سماع الصوت أو وجدان الريح شرط ، إذ قد يكون أصم فلا يسمع الصوت . وقد يكون أخشم فلا يجد الريح وينتقض طهره إذا تيقن الحدث ، قال الإمام : في الحديث دليل على أن الريح الخارجة من أحد السبيلين توجب الوضوء ، وقال أصحاب أبي حنيفة خروج الريح من القبل لا يوجب الوضوء ، وفيه دليل على أن اليقين لا يزول بالشك في شيء من أمر الشرع ، وهو قول عامة أهل العلم . انتهى .

                                                                                                          وقال النووي : هذا الحديث أصل من أصول الحديث وقاعدة عظيمة من قواعد الدين وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك ولا يضر الشك الطارئ عليها ، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث ، وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة ، لا فرق بين حصول الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة ، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف ، قال أصحابنا ولا فرق في شكه بين أن يستوي الاحتمالان في وقوع الحدث وعدمه أو يترجح أحدهما ويغلب في ظنه فلا وضوء عليه في كل حال ، أما إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فإنه يلزمه الوضوء بإجماع المسلمين . انتهى .

                                                                                                          والحديث لم يحكم عليه الترمذي بشيء من الصحة والضعف وهو حديث صحيح وأخرجه مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية