الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في ابتياع النخل بعد التأبير والعبد وله مال

                                                                                                          1244 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع ومن ابتاع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع قال وفي الباب عن جابر وحديث ابن عمر حديث حسن صحيح هكذا روي من غير وجه عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ومن باع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع وقد روي عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ابتاع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع وقد روي عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه قال من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع هكذا رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع الحديثين وقد روى بعضهم هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا وروى عكرمة بن خالد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث سالم والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق قال محمد بن إسمعيل حديث الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح ما جاء في هذا الباب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( من ابتاع ) أي : اشترى ( بعد أن تؤبر ) بصيغة المجهول من التأبير ، وهو تلقيح النخل ، وهو أن يوضع شيء من طلع فحل النخل في طلع الأنثى إذا انشق فتصلح ثمرته بإذن الله تعالى . ( فثمرتها للذي باعه ) فيه دليل على أن من باع نخلا وعليها ثمرة مؤبرة لم تدخل الثمرة في البيع ، بل تستمر على ملك البائع ، ويدل بمفهومه على أنها إذا كانت غير مؤبرة تدخل في البيع وتكون للمشتري وبذلك قال جمهور العلماء ، وخالفهم الأوزاعي وأبو حنيفة فقالا : تكون للبائع قبل التأبير وبعده ، وقال ابن أبي ليلى : تكون للمشتري مطلقا ، وكلا الإطلاقين مخالف لأحاديث الباب ، وهذا إذا لم يقع شرط من المشتري بأنه اشترى الثمرة ، ولا من البائع بأنه استثنى لنفسه الثمرة ، فإن وقع ذلك كانت الثمرة للشارط من غير فرق بين أن تكون مؤبرة ، أو غير مؤبرة ، قال في الفتح : لا يشترط في التأبير أن يؤبر أحد ، بل لو تأبر بنفسه لم يختلف الحكم عند جميع القائلين به ، كذا في النيل . ( إلا أن يشترط المبتاع ) أي : المشتري بأن يقول : اشتريت النخلة بثمرتها هذه ( وله مال ) قال القاري : اللام للاختصاص فإن العبد لا ملك له خلافا لمالك . ( فماله ) بضم اللام ( للذي باعه ) أي : باق على أصله ، وهو كونه ملكا للبائع قبل البيع . قاله القاري ، وهذا على رأي من [ ص: 373 ] قال : إن العبد لا ملك له ، قال في شرح السنة : فيه بيان أن العبد لا ملك له بحال ، فإن السيد لو ملكه لا يملك ؛ لأنه مملوك . فلا يجوز أن يكون مالكا كالبهائم ، وقوله " وله مال " إضافة مجاز لا إضافة ملك ، كما يضاف السرج إلى الفرس ، والإكاف إلى الحمار ، والغنم إلى الراعي . يدل عليه أنه قال : فماله للبائع أضاف الملك إليه وإلى البائع في حالة واحدة ، ولا يجوز أن يكون الشيء الواحد كله ملكا للاثنين في حالة واحدة . فثبت أن إضافة المال إلى العبد مجاز أي : للاختصاص ، وإلى المولى حقيقة أي : الملك ، قال النووي رحمه الله : مذهب مالك ، والشافعي في القديم أن العبد إذا ملكه سيده مالا ملكه ، لكنه إذا باعه بعد ذلك كان ماله للبائع إلا أن يشترط لظاهر الحديث ، وقال الشافعي إن كان المال دراهم لم يجز بيع العبد وتلك الدراهم بدراهم ، وكذا إن كان الدنانير ، أو الحنطة لم يجز بيعهما بذهب ، أو حنطة ، وقال مالك : يجوز إن اشترطه المشتري ، وإن كان دراهم والثمن دراهم لإطلاق الحديث ، كذا في المرقاة ، قال الشوكاني في النيل : والظاهر القول الأول يعني : قول مالك ؛ لأن نسبة المال إلى المملوك تقتضي أنه يملك ، وتأويله بأن المراد أن يكون شيء في يد العبد من مال سيده وأضيف إلى العبد للاختصاص ، والانتفاع ، لا للملك كما يقال : الجل للفرس خلاف الظاهر . انتهى . قوله : ( وفي الباب عن جابر ) لينظر من أخرجه . قوله : ( حديث ابن عمر حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم وروى البخاري المعنى الأول وحده ، كذا في المشكاة .




                                                                                                          الخدمات العلمية