الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1765 حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج الصواف البصري حدثنا معاذ بن هشام الدستوائي حدثني أبي عن بديل بن ميسرة العقيلي عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية قالت كان كم يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج ) بن أبي عثمان الصواف أبو يحيى البصري وقد ينسب إلى جده وكان ختن معاذ بن هشام صدوق من الحادية عشرة ( عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية ) تكنى أم سلمة ويقال أم عامر صحابية لها أحاديث .

                                                                                                          قوله : ( كان كم يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ ) كذا في نسخ الترمذي الموجودة ، ووقع في المشكاة بالصاد . قال القاري في المرقاة : بضم فسكون ، وفي نسخة يعني من المشكاة إلى الرسغ بالسين المهملة . قال الطيبي : هكذا هو بالصاد في الترمذي وأبي داود ، وفي الجامع بالسين المهملة . قال القاري : أراد بالترمذي في جامعه وإلا فنسخ الشمائل بالسين بلا خلاف ، وأراد بالجامع جامع الأصول ، ثم هو كذا بالسين في المصابيح . وقال التوربشتي : هو بالسين المهملة والصاد لغة فيه ، وكذا في النهاية هو بالسين المهملة والصاد لغة فيه ، وهو مفصل ما بين الكف والساعد انتهى ويسمى الكوع . قال الجزري : فيه دليل على أن السنة أن لا يتجاوز كم القميص الرسغ ، وأما غير القميص ، فقالوا : السنة فيه أن لا يتجاوز رءوس الأصابع من جبة وغيرها انتهى . ونقل في شرح السنة أن أبا الشيخ بن حبان أخرج بهذا الإسناد بلفظ : كان يد قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل من الرسغ . وأخرج ابن حبان أيضا من طريق مسلم بن يسار عن [ ص: 375 ] مجاهد عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس قميصا فوق الكعبين مستوي الكمين بأطراف أصابعه ، هكذا ذكره ابن الجوزي في كتاب الوفاء نقلا عن ابن حبان . وفي الجامع الصغير برواية ابن ماجه عن ابن عباس ، أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس قميصا فوق الكعبين الحديث . وروى الحاكم في مستدركه عنه أيضا ، ولفظه : كان قميصه فوق الكعبين وكان كمه مع الأصابع ، ففيه أنه يجوز أن يتجاوز بكم القميص إلى رءوس الأصابع ، ويجمع بين هذا وبين حديث الكتاب ، إما بالحمل على تعدد القميص أو بحمل رواية الكتاب على رواية التخمين ، أو بحمل الرسغ على بيان الأفضل وحمل الرءوس على نهاية الجواز ، انتهى ما في المرقاة . قال ابن رسلان : والظاهر أن نساءه صلى الله عليه وسلم كن كذلك يعني أن أكمامهن إلى الرسغ إذ لو كانت أكمامهن تزيد على ذلك لنقل ، ولو نقل لوصل إلينا كما نقل في الذيول من رواية النسائي وغيره أن أم سلمة لما سمعت : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه " ، قالت يا رسول الله : فكيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال : " يرخينه شبرا " ، قالت : إذن تنكشف أقدامهن ، قال : " يرخينه ذراعا ولا يزدن عليه " . ويفرق بين الكف إذا ظهر وبين القدم أن قدم المرأة عورة بخلاف كفها انتهى .

                                                                                                          تنبيه :

                                                                                                          قال الحافظ في الفتح : قال ابن العربي : لم أر للقميص ذكرا صحيحا إلا في آية اذهبوا بقميصي هذا وقصة ابن أبي ولم أر لهما ثالثا ، فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم ، قال هذا في كتابه سراج المريدين ، وكأنه صنفه قبل شرح الترمذي فلم يستحضر حديث أم سلمة ولا حديث أبي هريرة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لبس قميصا بدأ بميامنه ، ولا حديث أسماء بنت يزيد : كانت يد كم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ ، ولا حديث معاوية بن قرة بن إياس المدني ، حدثني أبي قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق فبايعته ثم أدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم ، ولا حديث أبي سعيد : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول : اللهم لك الحمد الحديث وكلها في السنن وأكثرها في الترمذي . وفي الصحيحين حديث عائشة : كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمسة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة ، وحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف في قميص الحرير لحكة كانت به ، وحديث ابن عمر رفعه : " لا يلبس المحرم القميص ولا العمائم " الحديث وغير ذلك انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) في إسناده شهر بن حوشب ، وفيه مقال مشهور ، والحديث أخرجه أيضا أبو داود والنسائي .




                                                                                                          الخدمات العلمية