الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الحسد

                                                                                                          1935 حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار وسعيد بن عبد الرحمن قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال وفي الباب عن أبي بكر الصديق والزبير بن العوام وابن مسعود وأبي هريرة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          باب ما جاء في الحسد

                                                                                                          وهو تمني الشخص زوال النعمة عن مستحق لها أعم من أن يسعى في ذلك أو لا ، فإن [ ص: 55 ] سعى كان باغيا ، وإن لم يسع في ذلك ولا أظهره ولا تسبب في تأكيد أسباب الكراهة التي نهي المسلم عنها في حق المسلم نظر ، فإن كان المانع له من ذلك العجز بحيث لو تمكن لفعل فهذا مأزور ، وإن كان المانع له من ذلك التقوى فقد يعذر لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية فيكفيه في مجاهداتها أن لا يعمل بها ولا يعزم على العمل بها ، وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل ابن علية رفعه : ثلاث لا يسلم منها أحد : الطيرة والظن والحسد ، قيل فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : إذا تطيرت فلا ترجع ، وإذا ظننت فلا تحقق ، وإذا حسدت فلا تبغ، وعن الحسن البصري قال : " ما من آدمي إلا وفيه الحسد ، فمن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم لم يتبعه منه شيء " ، كذا في فتح الباري .

                                                                                                          قوله : ( لا تقاطعوا ) أي لا يقاطع بعضكم بعضا ، والتقاطع ضد التواصل ( ولا تدابروا ) قال الخطابي : لا تتهاجروا فيهجر أحدكم أخاه ، مأخوذ من تولية الرجل الآخر دبره إذا أعرض عنه حين يراه ، وقال ابن عبد البر : قيل للإعراض مدابرة لأن من أبغض أعرض ، ومن أعرض ولى دبره ، والمحب بالعكس انتهى .

                                                                                                          ( ولا تباغضوا ) أي لا تتعاطوا أسباب البغض ; لأن البغض لا يكتسب ابتداء ( ولا تحاسدوا ) أي لا يتمنى بعضكم زوال نعمة بعض ، سواء أرادها لنفسه أو لا ( وكونوا عباد الله إخوانا ) أي يا عباد الله بحذف حرف النداء ، وفيه إشارة إلى أنكم عبيد الله فحقكم أن تتآخوا بذلك ، وقيل : قوله " عباد الله " خبر لقوله " كونوا " ، " وإخوانا " خبر ثان له ، قال القرطبي : المعنى كونوا كإخوان النسب في الشفقة والرحمة والمحبة والمواساة والمعاونة والنصيحة ( ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) تقدم شرحه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مالك والبخاري وأبو داود والنسائي وأخرجه مسلم أخصر منه .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي بكر الصديق والزبير بن العوام وابن مسعود وأبي [ ص: 56 ] هريرة ) أما حديث أبي بكر الصديق فأخرجه أحمد في مسنده ص 3 ج 1 ، وأما حديث الزبير بن العوام فأخرجه أحمد والترمذي والبزار بإسناد جيد والبيهقي ، وأما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي بعد هذا ، وأما حديث ابن مسعود ، فأخرجه الشيخان وغيرهما ، وأما حديث أبي هريرة ، فأخرجه مالك والشيخان وأبو داود وأخرجه الترمذي مختصرا في باب ظن السوء .




                                                                                                          الخدمات العلمية