الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2214 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أنبأنا شعبة عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار أبو داود بالسبابة والوسطى فما فضل إحداهما على الأخرى قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( بعثت أنا والساعة ) قال أبو البقاء العكبري في إعراب المسند الساعة بالنصب والواو فيه بمعنى مع قال ولو قرئ بالرفع لفسد المعنى ; لأنه لا يقال بعثت الساعة ولا هو في موضع المرفوع لأنها لم توجد بعد وأجاز غيره الوجهين بل جزم عياض بأن الرفع أحسن وهو عطف على ضمير المجهول في بعثت ، قال : ويجوز النصب وذكر نحو توجيه أبي البقاء ، وزاد أو على ضمير يدل عليه الحال نحو فانتظروا كما قدر في نحو : جاء البرد والطيالسة فاستعدوا قال الحافظ : والجواب عن الذي اعتل به أبو البقاء أولا أن يضمن " بعثت " معنى يجمع إرسال الرسول ومجيء الساعة نحو جئت ، وعن الثاني بأنها نزلت منزلة الموجود مبالغة في تحقق مجيئها انتهى .

                                                                                                          ( كهاتين ) قال عياض أشار بهذا الحديث إلى قلة المدة بينه وبين الساعة ، والتفاوت إما في المجاورة وإما في قدر ما بينهما ويعضده قوله كفضل إحداهما على الأخرى ، وقال بعضهم هذا الذي يتجه أن يقال ولو كان المراد الأول لقامت الساعة لاتصال إحدى الأصبعين بالأخرى ، قال ابن التين اختلف في معنى قوله كهاتين فقيل كما بين السبابة والوسطى في الطول ، وقيل المعنى ليس بينه وبينها نبي وقال القرطبي في المفهم : حاصل الحديث تقريب أمر الساعة وسرعة مجيئها ، قال وعلى رواية النصب بكون التشبيه وقع بالانضمام ، وعلى الرفع وقع بالتفاوت ، وقال البيضاوي معناه أن نسبة تقدم البعثة النبوية على قيام الساعة ، كنسبة فضل إحدى الأصبعين على الأخرى ، وقيل المراد استمرار دعوته لا تفترق إحداهما عن الأخرى ، كما أن الأصبعين لا تفترق إحداهما عن الأخرى ، ورجح الطيبي قول البيضاوي ، وقال القرطبي في التذكرة : معنى هذا الحديث تقريب أمر الساعة ولا منافاة بينه وبين قوله في الحديث الآخر ما المسئول عنها بأعلم من السائل فإن المراد بحديث الباب أنه ليس بينه وبين الساعة نبي كما ليس بين السبابة والوسطى أصبع أخرى ولا يلزم من ذلك علم وقتها بعينه ، لكن سياقه يفيد قربها وأن أشراطها متتابعة كما قال تعالى : فقد جاء أشراطها قال الضحاك : أول أشراطها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، والحكمة في تقدم الأشراط إيقاظ الغافلين وحثهم على التوبة والاستعداد ، كذا في الفتح .

                                                                                                          ( فما فضل إحداهما على الأخرى ) أي في الطول والمعنى ليس بينهما إلا فضل يسير وزاد مسلم بعد رواية هذا الحديث : قال شعبة وسمعت قتادة يقول في قصصه كفضل [ ص: 382 ] إحديهما على الأخرى ، فلا أدري أذكره عن أنس أو قاله قتادة ؟ قال الحافظ : وجدت هذه الزيادة مرفوعة في حديث أبي جبيرة بن الضحاك عن الطبري .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية