الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2421 حدثنا سويد بن نصر أخبرنا ابن المبارك أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني سليم بن عامر حدثنا المقداد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قيد ميل أو اثنين قال سليم لا أدري أي الميلين عنى أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين قال فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق بقدر أعمالهم فمنهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ومنهم من يأخذه إلى حقويه ومنهم من يلجمه إلجاما فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى فيه أي يلجمه إلجاما قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر [ ص: 89 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 89 ] قوله : ( حدثني سليم ) بالتصغير ( بن عامر ) الكلاعي ويقال الخبائري بخاء معجمة وموحدة أبو يحيى الحمصي ، ثقة من الثالثة غلط من قال إنه أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ( أخبرنا المقداد ) بن عمرو بن ثعلبة البهراني ثم الكندي ثم الزهري صحابي مشهور من السابقين .

                                                                                                          قوله : ( أدنيت ) بصيغة المجهول من الإدناء أي قربت ( الشمس ) أي جرمها ( حتى يكون ) وفي رواية مسلم " حتى تكون " بالتأنيث وهو الظاهر ( قيد ميل ) بكسر القاف أي قدر ميل . وفي رواية مسلم كمقدار ميل ( أو اثنتين ) الظاهر أنه شك من الراوي أي أو ميلين ( لا أدري أي الميلين عنى أي أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . قال الشيخ عبد الحق في اللمعات : الظاهر أن المراد ميل الفرسخ ، وكفى ذلك في تعذيبهم وإيذائهم . وأما احتمال إرادة ميل المكحلة فبعيد ( فتصهرهم الشمس ) أي تذيبهم من الصهر وهو الإذابة ، من فتح يفتح ( ومنهم من يأخذه إلى حقويه ) الحقو الخصر ومشد الإزار ( ومنهم من يلجمه إلجاما ) الإلجام : إدخال اللجام في الفم . والمعنى يصل العرق إلى فمه فيمنعه من الكلام كاللجام كذا في المجمع . قال ابن الملك : إن قلت إذا كان العرق كالبحر يلجم البعض ، فكيف يصل إلى كعب الآخر ؟ قلنا : يجوز أن يخلق الله تعالى ارتفاعا في الأرض تحت أقدام البعض ، أو يقال يمسك الله تعالى عرق كل إنسان بحسب عمله فلا يصل إلى غيره منه شيء كما أمسك جرية البحر لموسى -عليه الصلاة والسلام- . قال القاري : المعتمد هو القول الأخير فإن أمر الآخرة كله على وفق خرق العادة . أما ترى أن شخصين في قبر واحد يعذب أحدهما وينعم الآخر ولا يدري أحدهما عن غيره انتهى . وقال القاضي : يحتمل أن [ ص: 90 ] المراد عرق نفسه وعرق غيره ، ويحتمل عرق نفسه خاصة . وسبب كثرة العرق تراكم الأهوال ودنو الشمس من رءوسهم وزحمة بعضهم بعضا .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر ) أما حديث أبي سعيد ، فلينظر من أخرجه . وأما حديث ابن عمر فأخرجه مسلم . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد ومسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية