الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وسمعت أحمد بن الحسن يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول ابن أبي ليلى لا يحتج به وكذلك من تكلم من أهل العلم في مجالد بن سعيد وعبد الله بن لهيعة وغيرهم إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطئهم وقد روى عنهم غير واحد من الأئمة فإذا تفرد أحد من هؤلاء بحديث ولم يتابع عليه لم يحتج به كما قال أحمد بن حنبل ابن أبي ليلى لا يحتج به إنما عنى إذا تفرد بالشيء وأشد ما يكون هذا إذا لم يحفظ الإسناد فزاد في الإسناد أو نقص أو غير الإسناد أو جاء بما يتغير فيه المعنى فأما من أقام الإسناد وحفظه وغير اللفظ فإن هذا واسع عند أهل العلم إذا لم يتغير المعنى

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( يقول ابن أبي ليلى لا يحتج به ) ابن أبي ليلى هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى المذكور ( إنما عنى إذا تفرد بالشيء ) أي إنما أراد الإمام أحمد بن حنبل بقوله : ابن أبي ليلى لا يحتج به إذا تفرد هو بالشيء ولم يتابع عليه ( وأشد ما يكون هذا ) أي ضعف حفظ الراوي ، وما مصدرية والمعنى أشد كون ضعف الراوي حاصل إذا لم يحفظ الإسناد ( فأما من أقام الإسناد وحفظه وغير اللفظ فإن هذا واسع عند أهل العلم إذا لم يتغير المعنى ) قال جمهور السلف والخلف من الطوائف منهم الأئمة الأربعة يجوز الرواية بالمعنى إذا قطع بأداء المعنى لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف ويدل عليه روايتهم للقصة الواحدة بألفاظ مختلفة ، وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن منده في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي قال : قلت يا رسول الله إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس فذكر ذلك للحسن فقال لولا هذا ما حدثنا .

                                                                                                          [ ص: 343 ] واستدل لذلك الشافعي بحديث أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه قال وإذا كان الله برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف علما منه بأن الحفظ قد يزل لتحل لهم قراءته وإن اختلف لفظهم فيه ما لم يكن في اختلافهم إحالة معنى; كان ما سوى كتاب الله سبحانه أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يخل معناه كذا في التدريب ، وقال الحافظ في شرح النخبة : وأما الرواية بالمعنى فالخلاف فيه شهير والأكثر على الجواز ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى . وقيل إنما يجوز في المفردات دون المركبات; قيل إنما يجوز لمن يستحضر اللفظ ليتمكن من التصرف فيه وقيل إنما يجوز لمن كان يحفظ الحديث فنسي لفظه وبقي معناه مرتسما في ذهنه فله أن يرويه بالمعنى لمصلحة تحصيل الحكم منه بخلاف من كان مستحضرا للفظه وجميع ما تقدم يتعلق بالجواز وعدمه ولا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه . قال القاضي عياض : ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع لكثير من الرواة قديما وحديثا انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية