الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      2447 أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال حدثنا المظفر بن مدرك أبو كامل قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك أن أبا بكر كتب لهم إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله عز وجل بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعط ومن سئل فوق ذلك فلا يعط فيما دون خمس وعشرين من الإبل في كل خمس ذود شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين إن استيسرتا له ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده إلا حقة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده بنت لبون وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة ابنة مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه وليس معه شيء ومن لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاث مائة فإذا زادت ففي كل مائة شاة ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها وفي الرقة ربع العشر فإن لم تكن إلا تسعين ومائة درهم فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      2447 ( حدثنا حماد بن سلمة قال : أخذت هذا الكتاب من ثمامة ) بضم المثلثة ، قال الحافظ ابن حجر : صرح إسحاق بن راهويه في مسنده بأن حمادا سمعه من ثمامة وأقرأه الكتاب ، فانتفى تعليل من أعله بكونه مكاتبه ( أن أبا بكر كتب لهم ) أي لما وجه أنسا إلى البحرين عاملا على الصدقة ( إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ) قال الحافظ ابن حجر : ظاهر في رفع الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس موقوفا على أبي بكر , وقد صرح برفعه في رواية إسحاق في مسنده ، ومعنى فرض هنا أوجب أو شرع ، يعني بأمر الله وقيل : معناه قدر ؛ لأن إيجابها ثابت بالكتاب ، ففرض النبي صلى الله عليه وسلم لها بيان للمجمل من الكتاب بتقدير الأنواع لا التي [ ص: 19 ] ( أمر الله عز وجل بها رسوله صلى الله عليه وسلم ) كذا وقع هنا ، وفي سنن أبي داود بحذف الواو ، على أن التي بدل من التي الأولى ، وفي صحيح البخاري بواو العطف ( فمن سئلها من المسلمين على وجهها ) أي على هذه الكيفية المبينة في هذا الحديث ( ومن سئل فوق ذلك فلا يعط ) أي من سئل زائدا على ذلك في سن أو عدد فله المنع ، ونقل الرافعي الاتفاق على ترجيحه ، وقيل : معناه فليمنع الساعي وليتول هو إخراجه بنفسه ؛ لأن الساعي بطلب الزيادة يكون متعديا ، وشرطه أن يكون أمينا ( طروقة الفحل ) بفتح الطاء أي مطروقة ، فعولة بمعنى مفعولة ، والمراد أنها بلغت [ ص: 20 ] أن يطرقها الفحل ، وهي التي أتت عليها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة ( جذعة ) بفتح الجيم [ ص: 21 ] والمعجمة ، وهي التي أتت عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة ( إلا أن يشاء ربها ) إلا أن يتبرع متطوعا ( ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ) بفتح الهاء وكسر الراء هي الكبيرة التي سقطت أسنانها ( ولا ذات عوار ) بفتح العين المهملة وضمها أي معيبة وقيل : بالفتح العيب وبالضم العور ( ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق ) اختلف في ضبطه فالأكثر على أنه بالتشديد , والمراد المالك ، وهو اختيار أبي عبيد ، وتقدير الحديث : لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلا ، ولا يؤخذ التيس وهو فحل الغنم إلا برضا المالك ؛ لكونه يحتاج إليه ، ففي أخذه بغير اختياره إضرار به ، وعلى هذا فالاستثناء مختص بالثالث ، ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد ، وهو الساعي ، وكأنه يشير بذلك إلى التفويض إليه في اجتهاده ، لكنه يجري مجرى الوكيل فلا يتصرف بغير المصلحة ، وهذا قول الشافعي في البويطي ولفظه : ولا تؤخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة إلا أن يرى المصدق أن ذلك أفضل للمساكين ، فيأخذ على النظر ( ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ) [ ص: 22 ] قال الشافعي : هو خطاب للمالك من جهة , وللساعي من جهة ، فأمر كل واحد أن لا يحدث شيئا من الجمع والتفريق خشية الصدقة ، فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل ، والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر ، فمعنى قوله : خشية الصدقة أي خشية أن تكثر الصدقة أو خشية أن تقل الصدقة ، فلما كان محتملا للأمرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من الآخر ، فحمل عليهما معا ، لكن الأظهر حمله على المالك ، ذكره في فتح الباري ( وما كان من خليطين ) اختلف في المراد بالخليط فقال أبو حنيفة : هو الشريك ، واعترض بأن الشريك قد لا يعرف عين ماله ، وقد قال : ( إنهما يتراجعان بينهما بالسوية ) وقال ابن جرير : لو كان تفريقهما [ ص: 23 ] مثل جمعهما في الحكم لبطلت فائدة الحديث ، وإنما نهى عن أمر لو فعله كانت فيه فائدة قبل النهي . قال : ولو كان كما قال أبو حنيفة لما كان لتراجع الخليطين بينهما سواء معنى ، وقال الخطابي : معنى التراجع أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا ، لكل واحد منهما عشرون ، قد عرف كل منهما عين ماله ، فيأخذ المصدق من أحدهما شاة ، فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة ، وهي تسمى خلطة الجوار ( فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة ) قال الزركشي : " ناقصة " بالنصب خبر كان و " شاة " تمييز وواحدة وصف لها ، قال الكرماني : " واحدة " إما منصوب بنزع الخافض أي بواحدة ، وإما حال من ضمير " ناقصة " ، وروي بشاة واحدة بالجر ( وفي الرقة ) بكسر الراء وتخفيف القاف ، وهي الفضة الخالصة مضروبة كانت أو غير مضروبة . قيل : أصلها [ ص: 24 ] الورق ، فحذفت الواو وعوضت الهاء وقيل : يطلق على الذهب والفضة بخلاف الورق




                                                                                                      الخدمات العلمية