الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      باب التحريض على الصدقة

                                                                                                      2554 أخبرنا أزهر بن جميل قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة قال وذكر عون بن أبي جحيفة قال سمعت المنذر بن جرير يحدث عن أبيه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار فجاء قوم عراة حفاة متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن فأقام الصلاة فصلى ثم خطب فقال يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا و اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      2554 ( حتى رأيت كومين من طعام ) قال عياض والنووي : ضبط بفتح الكاف وضمها ، قال ابن سراج : هو بالضم اسم لما كوم ، وبالفتح المكان المرتفع كالرابية ، قال القاضي عياض : فالفتح هنا أولى ؛ لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية ( كأنه مذهبة ) قال في النهاية : هكذا جاء في سنن النسائي وبعض طرق مسلم بالذال [ ص: 77 ] المعجمة والباء الموحدة ، والرواية الدال والنون , فإن صحت الرواية فهو من الشيء المذهب وهو المموه بالذهب ، ومن قولهم : فرس مذهب إذا علت حمرته صفرة ، والأنثى مذهبة ، وإنما خص الأنثى بالذكر لأنها أصفى لونا وأرق بشرة ، وأما على الرواية الأخرى , فالمدهنة تأنيث المدهن : وهو نقرة في الجبل يجتمع فيه المطر ، شبه وجهه لإشراق السرور عليه بصفاء الماء المجتمع في الحجر ، والمدهنة أيضا ما يجعل فيه الدهن ، فيكون قد شبهه بصفاء الدهن ، وقال النووي : ضبطوه بوجهين : أحدهما وهو المشهور وبه جزم القاضي عياض والجمهور : مذهب بذال معجمة وفتح الهاء وبعدها باء موحدة ، والثاني : ولم يذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين غير مدهنة بدال مهملة وضم الهاء وبعدها نون ، وشرحه الحميدي في كتابه غريب الجمع بين الصحيحين فقال هو وغيره ممن فسر هذه الرواية إن صحت : المدهن الإناء الذي يدهن فيه ، وهو أيضا اسم للنقرة في الجبل الذي يستنقع فيها ماء المطر ، فشبه صفاء وجهه الكريم بصفاء هذا الماء ، وبصفاء الدهن والمدهن ، وقال القاضي عياض في المشارق وغيره من الأئمة : هذا تصحيف , والصواب بالذال المعجمة والباء الموحدة ، وهو المعروف في الروايات ، وعلى هذا ذكر القاضي وجهين في تفسيره أحدهما : معناه فضة مذهبة فهو أبلغ في حسن الوجه وإشراقه , والثاني : شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود , وجمعها [ ص: 78 ] مذاهب ، وهو شيء كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيه خطوطا مذهبة يرى بعضها إثر بعض




                                                                                                      الخدمات العلمية